يتواطأ الزمن مع فيروز. لا يقف لغيرها. لا يغيّر في مساره الا كرمى لصوتها. لا يخشع الا لحضورها. لا يمكن الكلمات وصف لحظات خروجها من خلف الستارة، لتدخلنا معها الى الحياة. ما سر النغمة الاولى، الكلمة الاولى، الهمسة الاولى؟ كيف تقول من غير ان تتحدث، وهي سيدة الصمت الذي ينطق حياة؟ ما سر الروح في ما تغني؟ ما تفسير التعلق الازلي بها، من أجيال نمت على عشقها، وأخرى تشرّبت العشق من نفَسِها؟
الغائب الاكبر عن المسرح كان نجلها زياد الرحباني، بيد انه ترك لمساته في كل ما قِيل وعُزف، وكأنما فيروز قسمت امسيتها مناصفة بين تلك "الجديدة"، والسيدة التي عادت الى تراثها، لا لتحييه، بل لتحيي ذاكرتنا به، وتتركه زاداً في مسار ما كان ليكون على حاله لولاها، ولما كان صباحه لينطق بصوتها روحاً من بارئه.
عاد النصف الاول لزياد، من أداء الكورال لـ "نشكر الله عنا بيانو"، و"راجعة بإذن الله"، لتبدأ الرحلة مع الالبوم الجديد، ومنه "إيه في أمل" التي قدمت فيروز ساحرة، حالمة، تقول للعاشقين ما لا قدرة لهم على ابتكاره، تنقلهم بلحن زياد الى عبق "الفالس"، وتقرّبهم أكثر من ان يتحولوا عاشقين أبديين، أو معذبين دائمين في حال الحب والعشق "رغم الزهر اللي متلّي الحقول/ وشو ما تحكي وتشرحلي وتقول/ حبيبي حبيبي/ تا نرجع لأ مش معقول/ عندي سنونو وعندي قرميد/ وبعرف شو يعني اذا انت بعيد/ بس حبيبي احساسي/ ما عاد يرجعلي من جديد/ في أمل ايه في أمل/ أوقات بيطلع من ملل/ وأوقات بيرجع من شي حنين/ لحظات تيخفّف زعل/ وبيذكّرني فيك لون شبابيك/ بس ما بنسّيني اللي حصل (...)".
حتى في امسية لفيروز، يبقى لزياد من يُريده، مستزيداً مما قدم منذ عقد ونيف، وبقي وكأنه مولود اللحظة، من "بما إنو" و"عايشة وحدها بلاك"، الى صوت فيروز الآتي الينا بـ "ما شاورت حالي" و"عودك رنان".
نقل النصف الثاني من الامسية الزمن الاكثر من جميل الى حضرة الحاضر زاداً للآتي، من "يا ريت انت وانا بالبيت" و"عالطاحونة" و"الاوضة المنسية"، الى الكورال مع "طلّو طلّو الصيّادي"...
"هالزغار فلو وصاروا كبار/ صاروا كبار/ نسيوا جيرتنا/ وحدك بتذكر يا وطى الدوار/ وحدك حكايتنا"... غاصت فيروز في الماضي الذي ينعكس حاضراً، لتغني ما لن تقول، وتحكي الاسرار المخفية من غير ان تكشفها. كان صوت الجمهور الصادح مع "أمي نامت عبكير" كفيلاً بألا يترك مجالاً لأحد للنوم. مرة أولى وثانية، والايدي تصفق للمزيد... "بكرا برجع بوقف معكن"، قالتها وخرجت.. ستفي فيروز بوعدها مساء اليوم... ليت الليل يخالف عُرفَ الوقت، ولا ينتهي
هكذا حصلت على بطاقتي لحفلة السيدة فيروز!
بما ان بطاقات الحفل نفذت باكرا ولم استطع شراء واحدة ،وكان لا بدّ لي من حضور فيروز اتصلت بالانسة ريما الرحباني الذي كان هاتفها الخلوي مقفلا فارسلت لها رسالة مكتوبة اعلمها فيها بعدم تمكني من حجز مكان لي لحضور وتغطية الحفل ،ولم يكن مضى ساعة تقريبا بعد الرسالة حتى اتاني الرد من مكتب السيدة تبلغت من خلاله ان بطاقتي موجودة على مدخل البيال، فكانت لفتة اكثر من رائعة من قبلهم تبين مدى تواضعهم واهتمامهم بالصحافة وهم مشكرون عليه
برنامج الحفل:
القسم الاول :
فيروز: "سلملي عليه"، "كيفك انت"، "اشتقتلك".
كورال: "ياضيعانو"، "راجعة باذن الله".
فيروز: بتذكر شو كنت تقللي، ايه في امل، "يا سلام على بكرا"،"قصة زغيرة كتير".
كورال: "كل شي نظيف"، "عايشة وحدة بلاك".
فيروز: "ما شاورت حالي"، "عودك رنان".
القسم الثاني:
فيروز: "وطى الدوار"، "عالطاحونة"، "حمرا اسطيحاتك حمرا"، "أوضة منسية".
كورال: "قصقص ورق"، "طلو الصيادي".
فيروز: "بعدنا"، "قلتلك شي"، "امي نامت عبكير"، "اغنية الوداع".
ملاحظات سريعة:
من ابرز الوجوه في الحفل الاول كان وجود كل من النجم عادل امام، جوليا وشقيقها زياد بطرس، الاعلامي المصري عمرو اديب، انابيلا هلال وزوجها الدكتور نادر صعب، احلام وزوجها -كانت احلام ربحت بطاقتين من برنامج ابشر على ال MBC-، مروان خوري، وعدد كبير من الاعلاميين والاعلاميات اللبنانيات. الفنانة عبير نعمة، الممثل شادي حداد، مصمم الازياء نيكولا جبران وغيرهم، سياسيا رصدنا وجود الوزير جبران باسيل.
تفاعل العديد من الصحافيين مع غناء السيدة فيروز بالغناء والرقص والتصفيق وحتى في البكاء
لاحظنا وجود بعض الحضور من جنسيات لا تتكلم العربية واكدوا انهم اتوا فقط للاستمتاع بصوت فيروز.
ترددت بعض المعلومات ان الفستانين هما من تصميم المبدع ايلي صعب.
قاد الفرقة الموسيقية هاروت فازليان وهو ابن المخرج بارج فازليان الذي قام باخراج بعض الاعمال الرحبانية،ورافقها على البيانو ميشال فاضل
سُمح للمصورين الفوتوغرافيين التصوير داخل القاعة لمدة 7 دقائق فقط، فيما اقتصر تصوير الحفلة على شركة السيدة فيروز وبادارة ابنتها ريما الرحباني.
وضعت سيارات صغيرة مرسوم عليها صورة السيدة فيروز لنقل الناس لمداخل الصالة.
وُضعت "ستاندات" مخصصة لبيع البوم "ايه في امل" حيث تهافت الحاضرون على شرائه بـ25 ألف ليرة لبنانية.
من الحادية عشرة والنصف الى الواحدة بعد منتصف الليل بقيت الجموع تغادر بسبب العدد الهائل من الحضور الذين جذبتهم السيدة فيروز اليها.
واخيرا ان تعيش في زمن توجد فيه فيروز هذا رائع والاروع ان ترى فيروز على المسرح وهي تغني
0 comments:
إرسال تعليق