نقلا عن موقع Nowlebanon حتى الواحد والعشرين من شهر تموز المقبل، يستطيع زائر أسواق بيروت التجارية (والتي تمّ افتتاحها أخيراً)، مشاهدة معرض "قرن من الصحافة في لبنان 1858 – 1958".
على لوحات كبيرة Stands ، تعرض المؤسسة اللبنانية للمكتبة الوطنية، بالتعاون مع وزارة الثقافة، صوراً - للصفحات الأولى - أو لأغلفة صحف لبنانية (من محفوظات المكتبة الوطنية)، طبعت وأرّخت لقرن من الصحافة... مع معلومات (نصوص) تعرض للزائر قصة نشوء وتطور الصحافة اللبنانية. المعرض (قرب ساحة العجمي)، هو جزء من مشروع يستند الى أساسات ثلاثة: كتاب توثيقي، فيلم وثائقي ودليل. وما المعرض إلا عرض لصفحات الدليل المشار اليه.
وُضع بتصرف زائر المعرض كتاب - يحمل اسم المعرض - كناية عن عمل بحثي توثيقي بإشراف الدكتور امين فرشوخ... وقدعمل فيه بحثاً وتحريراً كل من الدكاترة أمين فرشوخ، هلال ناتوت وجورج صدقة، أيضاً الآنسة هلا بزري والآنسة كريستين خليل في البحث والترميم. كما يستطيع الزائر أن يشاهد عرض الفيلم الوثائقي الذي يحمل عنوان "صاحبة الجلالة الصحافة"، ويروي قصة قرن من الصحافة على مدى 18 دقيقة، وهو من إخراج بهيج حجيج ورأفت عرب. بعدها يستطيع تصفّح الدليل، وهو ملخص ورقي عن المعرض. باختصار، تعددت الوسائل لاخبارنا وللتعرّف على مسار الصحافة اللبنانية خلال قرن من الزمن.
في مقدمتها للكتاب، تقول رئيسة المؤسسة اللبنانية للمكتبة الوطنية رنده الداعوق "ان الصحف تمثل وثائق مهمة تحمل في مضمونها وشكلها مؤشرات تاريخية وثقافية متنوعة. كما تعدّ إرثاً رائعاً نادراً ومدرسة لأجيال من الصحافيين المرموقين. والمؤسسة اللبنانية للمكتبة الوطنية تجد أن من أولويات اهتماماتها أن تعطي الصحافة حقها في التاريخ". الصحافة تأخذ حقها في هذا المعرض، والمؤسسة اللبنانية للمكتبة الوطنية تحاول على هامش المعرض جمع القليل من المال لاستكمال العمل على محفوظاتها (وذلك من خلال بيع كل نسخة من الكتاب بـ 100$، وكل نسخة من الفيلم - الموضوع بثلاث لغات - أو من الدليل بـ 20$).
خليل الخوري والبدايات
المعرض يبدأ بتاريخ تأسيسي: العام 1858، وهو تاريخ ولادة الصحافة في لبنان وفي العالم العربي على يد خليل الخوري الذي أصدر صحيفة "الأخبار".
ومنذ ذلك التاريخ بدأ سيل الصحف. عام 1860 أصدر المعلم بطرس البستاني صحيفة "نفير سوريا" وحمّلها نصائح وطنية تدعو الى التضامن إثر الحرب الأهلية. عام 1863 أصدر المرسلون الأميركيون أول صحيفة دينية مصوّرة تحت اسم "النشرة الشهرية"، كما أصدر الأب مونو، رئيس الآباء اليسوعيين في سوريا، صحيفة "البشير".
صحف عدّة صدرت في هذه السنوات نذكر منها "الجنان" العلمية الأدبية السياسية التاريخية التي أصدرها عام 1870 المعلم بطرس البستاني جاعلاً لها شعاراً هو "حب الوطن من الإيمان"، خطوة شكلت عرفاً، أخذت بعدها الصحف في تقليده واختيار شعارات لها.
تجارب أولى أسست إذاً لمسيرة الصحافة والحرية في لبنان. فما بين عامي 1871 و1880 ظهرت مجموعة من الصحف "النقدية" التي تناولت حتى السلطان العثماني نفسه قبل أن يقيّد بعدها السلطان عبد الحميد حريّة الكتابة دافعاً ببعض الصحافيين الى ترك لبنان الى مصر وأوروبا وتأسيس صحف هناك. عام 1871، عرفت الصحافة أول مجلة متخصصة للأطفال هي "كوكب الصبح المنير" وهي نشرة دينية مصوّرة مجانية أصدرها القساوسة الأميركيون.
صدرت صحف سياسية كثيرة في هذه الفترة بدءاً من "الجنينة" التي أصدرها سليم البستاني. وعام 1877 صدرت "لسان الحال" لخليل سركيس وفيها ظهر أول إعلان مصوّر. وعام 1876 عرفت الصحافة أول دورية علمية متخصصة هي "المقتطف" ليعقوب صروف وفارس نمر قبل ان ينضم اليهما شاهين مكاريوس، وقد عنيت هذه الصحيفة بالمقالة العلمية والمناقشات الفكرية. ولكن موقف السلطة السلبي من مواضيعها وأصحابها حداً بالأخيرين الى الانتقال بدورهم الى مصر العام 1882.
بين عامي 1881 و1890 صدرت صحف منها ما ابتغى التعليم والإرشاد الديني، ومنها ما كان ينشر روايات تاريخية كـ"سلسلة الفكاهات في اطايب الروايات" التي اصدرها عام 1884 نخلة قلفاط و"ديوان الفكاهة" التي اصدرها عام 1885 سليم شحادة وسليم طراد.
تطوّر لغة الصحافة وظهور صحف الأقاليم
عام 1891، صدرت اول صحيفة سياسية في جبل لبنان وهي "لبنان" التي أصدرها ابراهيم الأسود واعتمدها المتصرف واصا باشا، فصارت شبه رسمية. وفي العام نفسه، أصدر خليل بدوي صحيفة "الأحوال". وبعد ثلاث سنوات جعلها يومية وكانت حينها أول صحيفة يومية في السلطنة.
على صعيد آخر، عرفت نهاية القرن التاسع عشر "صحافة الأقاليم". فظهرت صحيفة "طرابلس" لمحمد كامل البحيري عام 1893، و"الأرز" و"الرئيس" اللتان أصدرهما في جونية تباعاً فيليب وفريد الخازن عام 1895 وابراهيم حوراني عام 1900.
في بدايات القرن العشرين تحسنت لغة الصحف فقلت في محتوياتها المفردات الغريبة والعامية. ومع إعادة العمل بالدستور العثماني عام 1908، وصدور قانون المطبوعات عام 1909، ازداد منح الامتيازات الصحافية. في هذه الفترة أذكت الصحف الحركات السياسية المناهضة للتتريك.
في عام 1908، تأسست صحيفة "البرق" للشاعر بشارة الخوري وانطلقت منها شرارة النضال الوطني والدعوة الى التحرر من الاحتلالات، فطارده العثمانيون فتخفى عنهم واستمر بالكتابة باسم الأخطل الصغير.
شهد عام 1908 ظهور أول الدوريات الفكاهية، مع صدور "هبت" لخليل كاملة في بيروت.
أواخر ايام الحكم العثماني، ازداد إصدار الصحف من لبنان، ولكنه ما لبث أن خف خلال الحرب العالمية الاولى لندرة الورق. ومع مجيء جمال باشا إلى ولاية سوريا ولبنان (1915 – 1916)، كانت فترة قمع نفذت خلالها إعدامات بحق نخبة من الصحافيين: فيليب وفريد الخازن، أحمد طبارة، بترو باولي، جرجي حداد، عمر حمد، عبد الغني العريسي، عارف الشهابي، سعيد عقل، محمد محمصاني وعبد الكريم الخليل.
كثرت الدوريات الانتقادية الساخرة خلال هذه الحقبة. وشهدت الصحافة صدور أول إصدار نسائي لسليمة أبي راشد عام 1914 مع مجلة "فتاة لبنان" الأدبية والعلمية والروائية. ثم صدرت مجلة "فتاة الوطن" لمريم الزمار في زحلة عام 1919 ومجلة "الخدر" لعفيفة صعب في الشويفات و"الفجر" للأميرة نجلا أبي اللمع في بيروت في العام نفسه.
مع إعلان الجنرال غورو عام 1920 دولة لبنان الكبير، انقسم اللبنانيون وصارت المقالة الصحافية وسيلة لدعم الموقف السياسي والاجتماعي والاقتصادي. صدرت عام 1924 "الإنسانية" ثم "صوت العمال" لفؤاد شمالي عام 1930 مع انطلاقة الحركات العمالية.
وفي عام 1921 صدرت الصحيفة الرسمية تحت اسم "جريدة لبنان الكبير الرسمية" بالعربية والفرنسية في نسخة واحدة، ثم عام 1922 في نسختين منفصلتين.
كذلك صدرت دوريات عدّة باللغة الفرنسية كـJournée Syrienne عام 1922، L’avenir عام 1923، Les Cèdres عام 1925 و La Revue du Proche Orient عام 1925. كما صدرت "أزتك" الأرمنية و"لسان الأمة" السريانية.
ظهور الصحافة الملتزمة
منذ العام 1931، كثرت المؤتمرات والاضطرابات، ونشأت تكتلات سياسية وطائفية. لذلك صدرت صحف حزبية ملتزمة ما لبثت أن مثلت التيارات كافة. ففي العام 1933 صدرت صحيفة Le Jour بالفرنسية متحدثة باسم الكتلة الدستورية، وقد رأس تحريرها ميشال شيحا ثم شارل حلو قبل ان يصبح رئيساً للجمهورية. تساجلت هذه الصحيفة مع L’Orient التي كانت قد صدرت عام 1923 تحت اشراف جبرائيل خباز وجورج نقاش والتي كانت تساند اميل اده. وفي العام 1933 صدرت "النهار" لجبران تويني في ثماني صفحات.
كرّت سبحة الصحف الملتزمة، فأصدر الحزب الشيوعي عام 1937 "صوت الشعب" وأصدر حزب الكتائب عام 1939 "العمل" وأصدر حزب الوحدة الوطنية عام 1940 "الطلائع". كما شهدت هذه الفترة صدور دوريات زجلية كـ"البلبل" لوليم صعب عام 1933 و"الزجل اللبناني" ليوسف الباحوط وخليل حتي في السنة نفسها و"أمير الزجل" لوليم صعب أيضاً عام 1940.
وعندما اعتقلت سلطات الانتداب رجال الاستقلال في قلعة راشيا، صدرت صحيفتان إحداهما تحمل شعار علامة الاستفهام (؟) والأخرى شعار علامتي استفهام (؟؟) لتعبئة الشعب ضد الانتداب.
عام 1943 صدرت "الجريدة الرسمية". ثم تأسست الوكالات الصحافية منذ العام 1947.
فترة الخمسينات كانت فترة القومية العربية. وخلالها صدرت دوريات حزبية ودوريات سياسية كثيرة. كما صدرت دوريات متخصصة ودوريات للمؤسسات المدنية والنقابات.
شهدت هذه الفترة غزارة في منح الامتيازات الصحافية لدوريات سياسية وفي اختصاصات اخرى، خصوصاً عام 1950 (50 امتيازاً) وعام 1955 (45 امتيازاً).
صحافة الكاريكاتور
في المعرض قسم خاص لصحافة الكاريكاتور يروي سيرة هذا الفن. نتعرف على أن طوفاناً من الصحف الهزلية ظهر مع دستور 1908 العثماني (18 انتقادية فكاهية). ولم تتطور الصحافة الساخرة في العهد العثماني ما بين عامي 1908 و1914 بسبب عودة الرقابة المتشددة والضائقة الاقتصادية. في البدايات طغت اللهجة العامية على اللغة المستخدمة، وكانت الرسوم التشكيلية "ساذجة".
ارتفع مستوى هذه الصحافة خلال عهد الانتداب شكلاً ومضموناً. تصاعدت وتيرة إصدار الصحف الكاريكاتورية منذ عام 1921 حتى بداية الاستقلال بمعدل صحيفتين سنوياً باستثناء عام 1926 الذي شهد إصدار ست من هذه الصحف. ولم يبق سوى كاريكاتورية "الدبّور" وهي مستمرة منذ العام 1923 ولغاية اليوم.
في عهد الاستقلال، شغلت هذا الفن مجلتا "الصيّاد" و"الدبّور". وتكاثرت رسوم الكاريكاتور في مختلف الصحف والدوريات. كما ابتدع بعض أصحاب هذا الفن "الشخصية النمطية".
الإعلان في الصحافة اللبنانية
وفي المعرض أيضاً قسم خاص يواكب انطلاقة الإعلان في الصحافة ومنذ الخطوات الأولى. في بدايات الصحافة، تركّز الإعلان عموماً في الصفحة الأخيرة، وبأحجام صغيرة ( الإعلان بالحجم الكبير كان لا يزال نادراً). طريقة تقديم الإعلانات بسيطة... وقد بقي الإعلان هكذا عشرات السنين قبل ان يتطور.
كانت غالبية الاعلانات منذ انطلاقة الصحافة اللبنانية حتى نهاية القرن التاسع عشر تتناول بشكل رئيسي خدمات محلية، فيما كانت تغيب بشكل كبير السلع الاستهلاكية. وهذا يدل على انه في تلك المرحلة كان استهلاك السلع محصوراً الى حدّ بعيد بالسلع المنتجة محلياً، بسبب غياب وسائل النقل والشحن السريعة، كما يشير الى المرحلة الإنتاجية اليدوية التي سبقت مرحلة التصنيع والمكننة.
ختام مع المقدمة
المعرض يقدم الكثير، ويعتبر عن حقّ قيمة مضافة (الى جانب باقي النشاطات الثقافية التي جرت أو تجري في البلد). يعرض لفيض من المعلومات القيمة والشيقة (وقد تناولها كتاب المعرض باستفاضة).
وخير خاتمة، نورد مما قاله الاستاذ غسان تويني في تقديمه لكتاب "قرن من الصحافة في لبنان 1858 – 1958". يقول : "ان الإعلام الحرّ يعتبر ان الحقيقة هي ما يحدث وما يقال، وأنها ملك الجمهور، وان الرأي الحرّ لا يتكوّن من نصف معرفة أو ربع معرفة أو معرفة رسمية هي بمثابة الجهل. بل ان الرأي الحرّ، الرأي الحقيقي، يتكوّن من المعرفة المسؤولة، معرفة الحقيقة العامة، الواسعة الآفاق، المتحركة. معرفة كل الحقيقة وكل الحقائق".
كلام مسؤول، كلام حق يبقى خير شهادة لفضل الصحافة ودورها.
على لوحات كبيرة Stands ، تعرض المؤسسة اللبنانية للمكتبة الوطنية، بالتعاون مع وزارة الثقافة، صوراً - للصفحات الأولى - أو لأغلفة صحف لبنانية (من محفوظات المكتبة الوطنية)، طبعت وأرّخت لقرن من الصحافة... مع معلومات (نصوص) تعرض للزائر قصة نشوء وتطور الصحافة اللبنانية. المعرض (قرب ساحة العجمي)، هو جزء من مشروع يستند الى أساسات ثلاثة: كتاب توثيقي، فيلم وثائقي ودليل. وما المعرض إلا عرض لصفحات الدليل المشار اليه.
وُضع بتصرف زائر المعرض كتاب - يحمل اسم المعرض - كناية عن عمل بحثي توثيقي بإشراف الدكتور امين فرشوخ... وقدعمل فيه بحثاً وتحريراً كل من الدكاترة أمين فرشوخ، هلال ناتوت وجورج صدقة، أيضاً الآنسة هلا بزري والآنسة كريستين خليل في البحث والترميم. كما يستطيع الزائر أن يشاهد عرض الفيلم الوثائقي الذي يحمل عنوان "صاحبة الجلالة الصحافة"، ويروي قصة قرن من الصحافة على مدى 18 دقيقة، وهو من إخراج بهيج حجيج ورأفت عرب. بعدها يستطيع تصفّح الدليل، وهو ملخص ورقي عن المعرض. باختصار، تعددت الوسائل لاخبارنا وللتعرّف على مسار الصحافة اللبنانية خلال قرن من الزمن.
في مقدمتها للكتاب، تقول رئيسة المؤسسة اللبنانية للمكتبة الوطنية رنده الداعوق "ان الصحف تمثل وثائق مهمة تحمل في مضمونها وشكلها مؤشرات تاريخية وثقافية متنوعة. كما تعدّ إرثاً رائعاً نادراً ومدرسة لأجيال من الصحافيين المرموقين. والمؤسسة اللبنانية للمكتبة الوطنية تجد أن من أولويات اهتماماتها أن تعطي الصحافة حقها في التاريخ". الصحافة تأخذ حقها في هذا المعرض، والمؤسسة اللبنانية للمكتبة الوطنية تحاول على هامش المعرض جمع القليل من المال لاستكمال العمل على محفوظاتها (وذلك من خلال بيع كل نسخة من الكتاب بـ 100$، وكل نسخة من الفيلم - الموضوع بثلاث لغات - أو من الدليل بـ 20$).
خليل الخوري والبدايات
المعرض يبدأ بتاريخ تأسيسي: العام 1858، وهو تاريخ ولادة الصحافة في لبنان وفي العالم العربي على يد خليل الخوري الذي أصدر صحيفة "الأخبار".
ومنذ ذلك التاريخ بدأ سيل الصحف. عام 1860 أصدر المعلم بطرس البستاني صحيفة "نفير سوريا" وحمّلها نصائح وطنية تدعو الى التضامن إثر الحرب الأهلية. عام 1863 أصدر المرسلون الأميركيون أول صحيفة دينية مصوّرة تحت اسم "النشرة الشهرية"، كما أصدر الأب مونو، رئيس الآباء اليسوعيين في سوريا، صحيفة "البشير".
صحف عدّة صدرت في هذه السنوات نذكر منها "الجنان" العلمية الأدبية السياسية التاريخية التي أصدرها عام 1870 المعلم بطرس البستاني جاعلاً لها شعاراً هو "حب الوطن من الإيمان"، خطوة شكلت عرفاً، أخذت بعدها الصحف في تقليده واختيار شعارات لها.
تجارب أولى أسست إذاً لمسيرة الصحافة والحرية في لبنان. فما بين عامي 1871 و1880 ظهرت مجموعة من الصحف "النقدية" التي تناولت حتى السلطان العثماني نفسه قبل أن يقيّد بعدها السلطان عبد الحميد حريّة الكتابة دافعاً ببعض الصحافيين الى ترك لبنان الى مصر وأوروبا وتأسيس صحف هناك. عام 1871، عرفت الصحافة أول مجلة متخصصة للأطفال هي "كوكب الصبح المنير" وهي نشرة دينية مصوّرة مجانية أصدرها القساوسة الأميركيون.
صدرت صحف سياسية كثيرة في هذه الفترة بدءاً من "الجنينة" التي أصدرها سليم البستاني. وعام 1877 صدرت "لسان الحال" لخليل سركيس وفيها ظهر أول إعلان مصوّر. وعام 1876 عرفت الصحافة أول دورية علمية متخصصة هي "المقتطف" ليعقوب صروف وفارس نمر قبل ان ينضم اليهما شاهين مكاريوس، وقد عنيت هذه الصحيفة بالمقالة العلمية والمناقشات الفكرية. ولكن موقف السلطة السلبي من مواضيعها وأصحابها حداً بالأخيرين الى الانتقال بدورهم الى مصر العام 1882.
بين عامي 1881 و1890 صدرت صحف منها ما ابتغى التعليم والإرشاد الديني، ومنها ما كان ينشر روايات تاريخية كـ"سلسلة الفكاهات في اطايب الروايات" التي اصدرها عام 1884 نخلة قلفاط و"ديوان الفكاهة" التي اصدرها عام 1885 سليم شحادة وسليم طراد.
تطوّر لغة الصحافة وظهور صحف الأقاليم
عام 1891، صدرت اول صحيفة سياسية في جبل لبنان وهي "لبنان" التي أصدرها ابراهيم الأسود واعتمدها المتصرف واصا باشا، فصارت شبه رسمية. وفي العام نفسه، أصدر خليل بدوي صحيفة "الأحوال". وبعد ثلاث سنوات جعلها يومية وكانت حينها أول صحيفة يومية في السلطنة.
على صعيد آخر، عرفت نهاية القرن التاسع عشر "صحافة الأقاليم". فظهرت صحيفة "طرابلس" لمحمد كامل البحيري عام 1893، و"الأرز" و"الرئيس" اللتان أصدرهما في جونية تباعاً فيليب وفريد الخازن عام 1895 وابراهيم حوراني عام 1900.
في بدايات القرن العشرين تحسنت لغة الصحف فقلت في محتوياتها المفردات الغريبة والعامية. ومع إعادة العمل بالدستور العثماني عام 1908، وصدور قانون المطبوعات عام 1909، ازداد منح الامتيازات الصحافية. في هذه الفترة أذكت الصحف الحركات السياسية المناهضة للتتريك.
في عام 1908، تأسست صحيفة "البرق" للشاعر بشارة الخوري وانطلقت منها شرارة النضال الوطني والدعوة الى التحرر من الاحتلالات، فطارده العثمانيون فتخفى عنهم واستمر بالكتابة باسم الأخطل الصغير.
شهد عام 1908 ظهور أول الدوريات الفكاهية، مع صدور "هبت" لخليل كاملة في بيروت.
أواخر ايام الحكم العثماني، ازداد إصدار الصحف من لبنان، ولكنه ما لبث أن خف خلال الحرب العالمية الاولى لندرة الورق. ومع مجيء جمال باشا إلى ولاية سوريا ولبنان (1915 – 1916)، كانت فترة قمع نفذت خلالها إعدامات بحق نخبة من الصحافيين: فيليب وفريد الخازن، أحمد طبارة، بترو باولي، جرجي حداد، عمر حمد، عبد الغني العريسي، عارف الشهابي، سعيد عقل، محمد محمصاني وعبد الكريم الخليل.
كثرت الدوريات الانتقادية الساخرة خلال هذه الحقبة. وشهدت الصحافة صدور أول إصدار نسائي لسليمة أبي راشد عام 1914 مع مجلة "فتاة لبنان" الأدبية والعلمية والروائية. ثم صدرت مجلة "فتاة الوطن" لمريم الزمار في زحلة عام 1919 ومجلة "الخدر" لعفيفة صعب في الشويفات و"الفجر" للأميرة نجلا أبي اللمع في بيروت في العام نفسه.
مع إعلان الجنرال غورو عام 1920 دولة لبنان الكبير، انقسم اللبنانيون وصارت المقالة الصحافية وسيلة لدعم الموقف السياسي والاجتماعي والاقتصادي. صدرت عام 1924 "الإنسانية" ثم "صوت العمال" لفؤاد شمالي عام 1930 مع انطلاقة الحركات العمالية.
وفي عام 1921 صدرت الصحيفة الرسمية تحت اسم "جريدة لبنان الكبير الرسمية" بالعربية والفرنسية في نسخة واحدة، ثم عام 1922 في نسختين منفصلتين.
كذلك صدرت دوريات عدّة باللغة الفرنسية كـJournée Syrienne عام 1922، L’avenir عام 1923، Les Cèdres عام 1925 و La Revue du Proche Orient عام 1925. كما صدرت "أزتك" الأرمنية و"لسان الأمة" السريانية.
ظهور الصحافة الملتزمة
منذ العام 1931، كثرت المؤتمرات والاضطرابات، ونشأت تكتلات سياسية وطائفية. لذلك صدرت صحف حزبية ملتزمة ما لبثت أن مثلت التيارات كافة. ففي العام 1933 صدرت صحيفة Le Jour بالفرنسية متحدثة باسم الكتلة الدستورية، وقد رأس تحريرها ميشال شيحا ثم شارل حلو قبل ان يصبح رئيساً للجمهورية. تساجلت هذه الصحيفة مع L’Orient التي كانت قد صدرت عام 1923 تحت اشراف جبرائيل خباز وجورج نقاش والتي كانت تساند اميل اده. وفي العام 1933 صدرت "النهار" لجبران تويني في ثماني صفحات.
كرّت سبحة الصحف الملتزمة، فأصدر الحزب الشيوعي عام 1937 "صوت الشعب" وأصدر حزب الكتائب عام 1939 "العمل" وأصدر حزب الوحدة الوطنية عام 1940 "الطلائع". كما شهدت هذه الفترة صدور دوريات زجلية كـ"البلبل" لوليم صعب عام 1933 و"الزجل اللبناني" ليوسف الباحوط وخليل حتي في السنة نفسها و"أمير الزجل" لوليم صعب أيضاً عام 1940.
وعندما اعتقلت سلطات الانتداب رجال الاستقلال في قلعة راشيا، صدرت صحيفتان إحداهما تحمل شعار علامة الاستفهام (؟) والأخرى شعار علامتي استفهام (؟؟) لتعبئة الشعب ضد الانتداب.
عام 1943 صدرت "الجريدة الرسمية". ثم تأسست الوكالات الصحافية منذ العام 1947.
فترة الخمسينات كانت فترة القومية العربية. وخلالها صدرت دوريات حزبية ودوريات سياسية كثيرة. كما صدرت دوريات متخصصة ودوريات للمؤسسات المدنية والنقابات.
شهدت هذه الفترة غزارة في منح الامتيازات الصحافية لدوريات سياسية وفي اختصاصات اخرى، خصوصاً عام 1950 (50 امتيازاً) وعام 1955 (45 امتيازاً).
صحافة الكاريكاتور
في المعرض قسم خاص لصحافة الكاريكاتور يروي سيرة هذا الفن. نتعرف على أن طوفاناً من الصحف الهزلية ظهر مع دستور 1908 العثماني (18 انتقادية فكاهية). ولم تتطور الصحافة الساخرة في العهد العثماني ما بين عامي 1908 و1914 بسبب عودة الرقابة المتشددة والضائقة الاقتصادية. في البدايات طغت اللهجة العامية على اللغة المستخدمة، وكانت الرسوم التشكيلية "ساذجة".
ارتفع مستوى هذه الصحافة خلال عهد الانتداب شكلاً ومضموناً. تصاعدت وتيرة إصدار الصحف الكاريكاتورية منذ عام 1921 حتى بداية الاستقلال بمعدل صحيفتين سنوياً باستثناء عام 1926 الذي شهد إصدار ست من هذه الصحف. ولم يبق سوى كاريكاتورية "الدبّور" وهي مستمرة منذ العام 1923 ولغاية اليوم.
في عهد الاستقلال، شغلت هذا الفن مجلتا "الصيّاد" و"الدبّور". وتكاثرت رسوم الكاريكاتور في مختلف الصحف والدوريات. كما ابتدع بعض أصحاب هذا الفن "الشخصية النمطية".
الإعلان في الصحافة اللبنانية
وفي المعرض أيضاً قسم خاص يواكب انطلاقة الإعلان في الصحافة ومنذ الخطوات الأولى. في بدايات الصحافة، تركّز الإعلان عموماً في الصفحة الأخيرة، وبأحجام صغيرة ( الإعلان بالحجم الكبير كان لا يزال نادراً). طريقة تقديم الإعلانات بسيطة... وقد بقي الإعلان هكذا عشرات السنين قبل ان يتطور.
كانت غالبية الاعلانات منذ انطلاقة الصحافة اللبنانية حتى نهاية القرن التاسع عشر تتناول بشكل رئيسي خدمات محلية، فيما كانت تغيب بشكل كبير السلع الاستهلاكية. وهذا يدل على انه في تلك المرحلة كان استهلاك السلع محصوراً الى حدّ بعيد بالسلع المنتجة محلياً، بسبب غياب وسائل النقل والشحن السريعة، كما يشير الى المرحلة الإنتاجية اليدوية التي سبقت مرحلة التصنيع والمكننة.
ختام مع المقدمة
المعرض يقدم الكثير، ويعتبر عن حقّ قيمة مضافة (الى جانب باقي النشاطات الثقافية التي جرت أو تجري في البلد). يعرض لفيض من المعلومات القيمة والشيقة (وقد تناولها كتاب المعرض باستفاضة).
وخير خاتمة، نورد مما قاله الاستاذ غسان تويني في تقديمه لكتاب "قرن من الصحافة في لبنان 1858 – 1958". يقول : "ان الإعلام الحرّ يعتبر ان الحقيقة هي ما يحدث وما يقال، وأنها ملك الجمهور، وان الرأي الحرّ لا يتكوّن من نصف معرفة أو ربع معرفة أو معرفة رسمية هي بمثابة الجهل. بل ان الرأي الحرّ، الرأي الحقيقي، يتكوّن من المعرفة المسؤولة، معرفة الحقيقة العامة، الواسعة الآفاق، المتحركة. معرفة كل الحقيقة وكل الحقائق".
كلام مسؤول، كلام حق يبقى خير شهادة لفضل الصحافة ودورها.
0 comments:
إرسال تعليق