اجرى اللقاء لصحيفة السفير اللبنانية عماد الزغبي و نشر في السفير بتاريخ 3 اب 2010 - تتنفس الجامعة اللبنانية السياسية في جميع كلياتها ومعاهدها. هي كمثل نبض البلد ورئته، تتأثر بـ«الهواء الملوث» الذي يأتيها من كل حدب وصوب، ما يربك حركة إيقاعها، فتصير بحاجة الى منشطات أحيانا، وفي أحيان أخرى، الى «عزل» الهواء الملوث عنها قدر المستطاع، عبر السعي الى منع التدخل السياسي في شؤونها، كما حصل لدى منع انتخابات مجالس الطلاب خلال الأزمات السياسية، في محاولة لمحاصرة «فيروس» المرض المتفشي في البلاد.
بذل رئيس الجامعة د. زهير شكر مساعي عدة في خلال ولايته، لإبعاد السياسية قدر المستطاع عن الجامعة، إلا أنه يعترف بعدم القدرة على تحقيق ذلك. فالتدخل السياسي كبير، كبر الجامعة المنتشرة على الأراضي اللبنانية، والأمور لا تنتظم فيها ما لم تحظ بإجماع سياسي، وتحديدا في تعيينات العمداء والمديرين وتفرغ الأساتذة وعقود الساعة وتجديدها.. وأيضا في توزيع الهيئة التعليمية على الفروع. فالمحاصصة الطائفية في التعيينات قائمة، ولم تنفع مختلف محاولات تجاوزها، وخير دليل على ذلك هو بقاء الجامعة من دون عمداء زهاء أربع سنوات.
كما أن محاولات عدة بذلت من أجل تحويل الجامعة الى مجموعة جامعات، إلا أن شكر يؤكد رفض تقسيم الجامعة، مؤكدا أن وحدة لبنان هي من وحدة الجامعة.
ويشدد شكر على ضرورة امتلاك رؤية استراتيجية واضحة لجهة وظيفة الجامعة اللبنانية ودورها وهويتها، وما هو المطلوب منها، وطبيعة دورها العلمي والوطني، وطبيعة علاقتها بسوق العمل.
وعلى الرغم من الغيوم الضبابية التي تلف الجامعة بين وقت وآخر، إلا أن فسحة الأمل تبقى كبيرة، والحياة الأكاديمية تسير قدما، وخير دليل الانجازات التي تمت في الجامعة، وعشرات الاتفاقات مع جامعات عربية وأجنبية، وتعاون على أبحاث مشتركة، حتى وصل عدد الأبحاث العلمية الى أكثر من 1400 بحث علمي موثق، بالإضافة الى تجلي الطلاب وتفوقهم، وكان آخرها نجاح عشرين طالبا من الجامعة من أصل 27 تقدموا الى مباريات القضاة.
ومع أنه لا يمكن الإحاطة بجميع ملفات الجامعة، إذ يحتاج الى مساحة كبيرة، إلا أن حديث رئيس الجامعة لـ«السفير» سعى الى وضع الإصبع على الجرح، من خلال التركيز على تحديث قوانين الجامعة، وعلى معاهد الدكتوراه والبحث العلمي فيها، والتعاون مع الجامعات الأخرى في لبنان والخارج، وتطور المكتبة العلمية والبحثية، وبناء المجمعات، واشتراك الجامعة مع الدولة والقطاع الخاص في تدريب الطلاب، ودور الجامعة والصعوبات في التعاطي مع الاساتذة في ما خص التعاقد مع عقود جديدة، والتفرغ. في ما يلي نص الحوار:
الجامعة صورة الوطن
السؤال الأول الذي يشغل البال يتركز على سبل ايلاء الجامعة اللبنانية الاهتمام الذي يليق بكونها صورة الوطن وتعبر عن تكوينه التعددي، ومنع دخول السياسية إليها «قدر الإمكان». ويعترف شكر «بأن الجامعة هي صورة عن الوطن بمعنى من المعاني فهي جامعة لكل الوطن ولكل المناطق ومختلف الطوائف بخلاف الجامعات الأخرى، التي هي إما جامعات لطوائف أو لأبناء أو شبه جامعات». أما في الوجه السلبي، بمعنى ارتباط الجامعة كصورة عن الوطن، أي ارتباطها بالجانب السياسي تعيينا وتفرغا للاساتذة، وشروط التوازن الطائفي التي تطلق فيرى أنه «أمر سيئ ونحاول التخلص منه تدريجا، والدليل آخر دفعة تفرغ للأساتذة قبل سنتين، حيث لم نتوقف عند مبدأ المناصفة مع اقتناعي شخصيا بأهمية وجود المسيحيين داخل الجامعة اللبنانية بدلاً من التوجه نحو الجامعات الخاصة، لكن ذلك لم يحل دون التفرغ الذي لم يراع التوازن، علما بأن عدد الأساتذة المسلمين المستوفين الشروط كان أكبر ولم يتم تفريغهم، وتم تفريغ مسيحيين لم يكونوا يدرسون في الجامعة، ومع ذلك لم نصل الى التوازن، لأنه بكل بساطة، هذا هو الموجود في الجامعة». وسجل شكر موقفا ايجابيا لكل القيادات المسيحية التي تواصل ممثلوها مع وزير التربية حينها (خالد قباني)، الذين أكدوا حق الاساتذة بالتفرغ، برغم عدم مراعاة التوازن الطائفي. ويعرب رئيس الجامعة عن أسفه لأن يكون التحاق الأساتذة في الفروع الثانية، «حتى لو تفرغ مسيحي في فروع الشمال أو في الجنوب يحاول جاهدا ان ينتقل الى الفروع الثانية، وإذا تفرغ في زحلة وهو يسكن في بيروت يسعى للانتقال الى الفروع الثانية وهذه مشكلة، وأنا لا أريد أن تكون الفروع الثانية للمسيحيين فقط والفروع الأخرى للمسلمين».
واعترف د. شكر بصعوبة الخروج من زاوية المحاصصة الطائفية في التعيينات، وسأل «كيف نخرج من ذلك وعلى رئيس الجامعة أن يكون من طائفة معينة، ورئيس المصلحة الإدارية من طائفة والعمداء يحتاج تعيينهم الى توازن طائفي». أضاف: ما يهمني أنا ووزير التربية والتعليم العالي مراعاة الكفاءة، حتى إذا راعينا التوازن الطائفي، فعندما نبحث عن الأفضل في الطائفة يبقى أقل ضررا، المهم ان نأتي بأفضل من لديه الكفاءة ومقدرة على العمل وملفه العلمي جيد».
وأسف رئيس الجامعة ان تكون الجامعة «صورة عن المجتمع وصراعات للسياسيين» وقال «للأسف جامعتنا مسيسة أكثر من كل الجامعات، لأنه في الجامعة الخاصة يستطيع رئيس جامعة اتخاذ أي تدبير بحق أي طالب يخالف النظام ويتجاوز الأصول، أو يدخل السياسية أو يتهجم على فريق ما، وبصراحة ليس لدينا هذه الإمكانات.. فقد حصل عندنا حوادث اعتداء بين أطراف على بعض مناصريها، وصلت ليس فقط الى حد الضرب، بل أدت الى جروح كادت ان تكون قاتلة وأخلي سبيل المعتدين في الليلة ذاتها. ولأن الوضع السياسي منذ عام في حال من الارتخاء السياسي كان وضع الجامعة بحالة ممتازة ولم يحصل أي إضراب طلابي أو تعطيل للدراسة، وكان انسجام طلابي، ولكن إذا تأزم الوضع السياسي أول من تتأثر به هي الجامعة اللبنانية». وعن التدخلات السياسية الطائفية في إدخال الطلاب، والتعاقد مع أساتذة جدد قال «لا أبالغ إذا قلت انه بمعنى الضغط لإدخال طلاب لم أشعر به، وكما هو معلوم لدينا مباراة دخول لمختلف الكليات، ولم يتصل بي أي طرف سياسي متدخلا، علما بأن الكثير من السياسيين يتدخلون في كل شاردة وواردة، أما في المباريات ونتائجها فلا يتدخل أحد».
وفي ما خص التعاقد مع أساتذة جدد تابع «ليس التدخل السياسي فقط، وللأسف آليات العمل التي تعتمد في الكليات وعدم الالتزام بالمرسوم 9084 وعدم إعلان الشواغر ضمن المهل المحددة تؤدي الى التدخل السياسي أو غير السياسي». ورأى ان التدخل السياسي يكون أهون من أن يتدخل أستاذ جامعي لتقديم ملف أستاذ على أستاذ، معترفا بأن هذا ما يحصل في الجامعة، لكن بحدود ضيقة. ووصف وضع مجلس الوزراء يده على عقود التفرغ والتوظيف، بالسلبي وبالتدخل السياسي، وهذا «أدى الى مشاكل متعاظمة في عقود المصالحة». واستدرك «ربما كان وقتها يفترض اتخاذ تدبير كهذا حتى لا تفلت الأمور، خاصة إذا لم يكن مجلس الجامعة فعالا». وقال «أفهم موافقة مجلس الوزراء، من دون تحديد تاريخ محدد، وإلا تعرض العقود، وإلا أنه أصبح لنا على هذه الحال ثماني سنوات بحيث أصبح عدد عقود المصالحات أكبر من عقود الساعة، وهذا أمر غير طبيعي».
تحديث قانون الجامعة
ويشدد رئيس الجامعة على ضرورة تحديث قوانين الجامعة، وقال «تقدمت الى وزير التربية من خلال إطلاق مشروع قانون جديد للجامعة، قابل للنقاش في مجلس الوزراء أو اللجان النيابية لتنظيم الجامعة اللبنانية. وعندما طرحت هذا المشروع على الرئيس فؤاد السنيورة أبدى الكثير من الاهتمام، لأنه يرد على الكثير من الأسئلة، فالجامعة قائمة على قانون الـ1967 الذي حدد الهيكلية الإدارية وطريقة العمل وتكوين مؤسسات الجامعة على اساس عدد طلابها خمسة أو ستة آلاف طالب، وكلياتها خمس أو ست واليوم الجامعة 19 كلية و75 ألف طالب وموجودة في كل لبنان. فحكما يستدعي الأمر إعادة النظر بالهيكلية الإدارية والأكاديمية للجامعة، وبآليات اتخاذ القرار وباستحداث مؤسسات جديدة ما زالت غير موجودة في الجامعة».
وتابع «تصور أكبر جامعة في لبنان ليس فيها نائب رئيس، علما بأن أصغر جامعة خاصة فيها خمسة نواب رئيس، والمشروع ينطلق من أمور أساسية بالنسبة لنا من وحدة الجامعة اللبنانية، وهي تتجلى بوحدة البرامج الأكاديمية ووحدة الشروط والأسس المرتبطة بتنظيم قواعد العمل التنظيمية ووحدة الأطر القانونية المنظمة للعمل الأكاديمي والإداري والمالي، ووحدة العمل السياسي البحثية، وفي المقابل ينطلق من اللامركزية في الأمور الإدارية والمالية، وتعزيز صلاحيات المدراء، خصوصا ان المدير لا يستطيع ان يعمل إجازة شراء لأنه يحتاج الى توقيع عميد. وتعزيز دور الفرع الإداري والمالي ضروري جدا».
أضاف: «يطرح المشروع أيضا، دور مجلس الجامعة، كون مجلس الجامعة كان فضفاضا، وعدده كبير جدا، وكانت المناقشات تأخذ ساعات وساعات، وتتداخل الأمور بعضها ببعض، ويقترح المشروع أن يقتصر دور اجتماعات مجلس الجامعة على الأمور الرئيسة لا أن يجتمع كل أسبوع بل أن يجتمع مرة كل شهر أو شهرين، واقترحنا مجلسين تنفيذيين للجامعة، مجلس لكليات العلوم والتكنولوجيا، ومجلس آخر لبقية الكليات، وان تكون الأمور الأساسية بيد مجلس الجامعة، والأمور التنفيذية غير الأساسية في المجلس الثاني، مثل تجديد عقود تفرغ، وعقود الساعات على أن يضم 13 عضواً، بدل أن يكون 30 عضواً، مع المحافظة على الاستقلالية المالية والادارية والأكاديمية واستعادة القرار الأكاديمي من مجلس الوزراء».
وعما إذا كان يمكن تحقيق ذلك، قال «هذا الموضوع موضع نقاش في لبنان، هناك من يطالب بجامعات في لبنان وفي المحافظات، وهناك من يطالب بمكون جديد في الجامعة، وهو مشروع وضعه الوزير السابق د. خالد قباني، وبإنشاء وحدات جامعية تشبه معاهد الدكتوراه، والأمر لا يخفى على أحد هناك من يريد أن يقسم الجامعة، وأنا شخصيا ضد ذلك، لأن وحدة لبنان من وحدة الجامعة، إضافة الى ذلك ان التجربة في الدول المتقدمة، أكدت على ضرورة وحدة الجامعة».
الفروع الجامعة
ومع تشديده على ضرورة توحيد الجامعة، رأى د. شكر في نتائج إنشاء فروع جامعية في المناطق بالكارثية، فبدل «ان تؤدي الى تنمية المناطق، أدت الى مستويات مختلفة بين جامعة المركز والفروع، ونحن نتكلم عن المناهج والبرامج ووحدة مباراة الدخول عدا وحدة بناء الطالب، الدراسة في الماستر والدكتوراه، والتقاء الاساتذة والنسيج الاجتماعي والتواصل على مستوى الماستر والدكتوراه في الآداب والحقوق وحاليا في العلوم الاجتماعية وفي العلوم والتكنولوجيا». وأكد أن تنمية المناطق تكون بأسس علمية ومدروسة. فـ«الأولوية هي في بناء مجمعات جامعية، بدلا من التفريع». ويستذكر رئيس الجامعة ما قاله له منذ سنتين وزير التعليم العالي المغربي «أنه يجب ألا ندخل تجربة جامعات المناطق، لان نتيجتها أدت الى مستويات مختلفة». وسأل «من هنا كيف نؤمن وحدة المناهج والمستوى ومباراة الدخول علما أنه في هذا الطرح يمكن ألا يعجب أبناء المناطق». وقال «نعمل على تعزيز الفروع في المناطق ان من خلال تفريغ اساتذة جدد لأنه في المناطق بدأت الفروع بأساتذة غير مستوفين للشروط، لأن الحاجة فرضت الاستعانة بأساتذة غير مستوفين للشروط، وكان من نتائجه مستويات أقل من فروع العاصمة».
وأعرب عن أسفه لأن «اساتذة المناطق يقيمون في بيروت، ولا يساهمون في تنمية مناطقهم، ولو بإعطاء ساعة تدريس واحدة».
قانون المجالس الأكاديمية
وينفي شكر أن يكون القانون 66 (قانون المجالس الأكاديمية) مطروحا للتغيير، ويوافق على وجود بعض الثغرات فيه، لأنه أقره النواب بسرعة، و«من النواب الذين أصروا عليه، يطالبون حاليا بإجراء تعديلات على القانون وان يكون فيه مرونة أكثر».
ولفت الى ان قانون السبعينيات المتعلق بالتفرغ قد مضى عليه الزمن، ولا يتكلم عن التفرغ الجزئي، أو إعطاء حوافز على البحث العلمي أو التدرج الأكاديمي. وقد أصبح شائعا ان الأستاذ بات موظفا، يحصل على درجة كل سنتين، وفي تعديل لمشروع قانون التفرغ في المشروع المقدم لحظنا مفهوما جديدا للتفرع الكلي في الجامعة، وقاربنا بأن يجمع الأستاذ بين رتبة الأستاذ والأستاذ الباحث، وأن يتفرغ للطلاب وان ينتقل من درجة علمية الى درجة ثانية وفقا لآليات علمية محددة، وللمثول أمام اللجان، وان يتطور راتبه وفقا لهذه الآليات، لا أن يتدرج راتبه كل سنتين.
وأكد رئيس الجامعة أهمية التفرغ الجزئي في الكليات التطبيقية، «نعاني مشكلة في ذلك، والجامعة بحاجة الى تفرغ جزئي مثلا في كليات الطب وطب الأسنان والهندسة، ففي الهندسة هناك 75 في المئة من الأساتذة يعملون في القطاع الخاص، ويفرضون على كليتهم دواما محددا، علما بأن بإمكانهم العمل في القطاع الخاص براتب محترم، من هنا المطلوب ان يكون تفرغهم جزئيا».
أما عن تجربة القانون 66 وعلى ضوء انتخابات العمداء والمدراء، فقال «عندما طرح القانون في مجلس النواب، من قبل النواب الاساتذة، كانت مطالبة بضرورة ان يعطى للوزير دور في إضافة اسم عند اختيار العمداء لتأمين التوازن الذي نحرص عليه، إلا أنه حصلت مزايدات ومطالبة بالمحافظة على استقلالية الجامعة. وكانت النتيجة انه في الترشيحات التي حصلت للعمداء والمدراء، أنها انطلقت من خلفيات سياسية ومذهبية، لا من خلفيات أكاديمية على الإطلاق، ولم تراع فيها الأصول الأكاديمية، ولم تدرس فيها الملفات الأكاديمية للمرشحين، وأيضا لم تعرض هذه الملفات على مجلس الفرع أو مجلس الوحدة، وبما اننا لا نعيش في مجتمع مثالي، والجامعة صورة عن المجتمع، لا بد من أن يكون (مع احترامنا للهيئة التعليمية) دور للعميد وللوزير ولمجلس الوزراء في إضافة اسم إذا وجدنا مخالفة للأصول في الترشيحات، علما بأنه في الترشيحات الأخيرة حوفظ شكلا على القانون. والمطلوب تعديل بعض الأمور غير الواضحة في ما خص الأقسام ورئاسة القسم. وعدا ذلك ليس هناك أي اعتراض على القانون 66 أو تعديل جوهري».
معاهد الدكتوراه
وعما إذا كان يمكن إعادة النظر في مرسوم إنشاء المعاهد العليا للدكتوراه ليتلاءم ومندرجات القانون الجديد المرتقب للتعليم العالي، وحيثيات النظام الجديد لـLMD الذي يطبق حاليا ناقصاً، أشار د. شكر الى اللقاء مع وفد من جمعية الصناعيين، وما قاله أحد أعضاء الوفد بعد جولة على مجمع المدينة الجامعة - الحدث، أنه كان يعارض معاهد الدكتوراه قبل أن يعرفها «كعادة اللبنانيين»، إلا أنه بعد اطلاعه على دور المعاهد أصبح مؤيدا لها.
وقال «المرسوم 74 لم يصدر من فراغ، وهو تتويج لمسار «تامبوس» العلمي، واحد في العلوم وآخر في الحقوق وكل مشروع بكلفة 150 الف يورو، بغية معرفة وضع الجامعة اللبنانية، والكادر التعليمي، المختبرات والباحثين، عدد الاساتذة، وهذا ما توصلت اليه اللجنة التي ضمت ممثلين عن جامعات أوروبية، ومن الجامعة اللبنانية بضرورة إيجاد معاهد للدراسات العليا تجمع الاختصاصات المتقاربة، بدلا من المعاهد المتخصصة المكلفة جدا.
وذكّر بالحركة الاعتراضية، من بعض العمداء بداية، الذين اعتبروا أن المعاهد تأخذ من صلاحياتهم، وأنه لا عميد للمعهد العالي، وتبين أنه موجود في انكلترا وفرنسا والسويد وغيرها. والإنتاج العلمي في الجامعة اللبنانية يبين كم تطور البحث العلمي فيها بعد إنشاء معاهد الدكتوراه.
وقال «خفت موجة الاعتراض على معاهد الدكتوراه، وانتظم العمل جيدا، خصوصا في فروع الشمال بعدما كان أول المعترضين، وأصبحوا مع معاهد الدكتوراه، وتحديدا في الاختصاصات العلمية والتكنولوجيا، لأن اساتذة الشمال محبون لمدينتهم، ويعملون بجد.
وعن وضع الماستر البحثي2، وهل سيبقى في معاهد الدكتوراه؟ أكد أنه من ضمن مشروع القانون الذي أعده، يعود الماستر البحثي2 الى الكليات، من دون الاستقلال به، خصوصا في العلوم والتكنولوجيا.
ولجهة الحلقة المفرغة في تطبيق النظام الجديد LMD نظرا لعدم وجود ترابط، اعترف بوجود إرباك ناتج من تأخر صدور القرارات التي تصدر عن رئيس الجامعة بموجب المرسوم والقواعد المشتركة لنظام LMD، وهناك تأخير من الكليات. والسبب؟ هو أن «الجامعة بحجمها وعدد الاساتذة، وكل استاذ يدافع عن مادته، ويتمسك بعدد ساعات مادته، وهذا كله أدى الى تأخير، فعلا نحن تأخرنا، لذلك حصلت هذه الأخطاء، والطالب يقول إنني أدرس ماستر واحداً، وهو فعلا يدرس الإجازة بانتظار صدور النظام الجديد، وهناك خمس كليات فقط من أصل 19 أنهت عملها مع اللجنة العليا لمناهج ما هو مطلوب منها، وهناك كليات لم تبدأ لأنها تعتبر نفسها غير معنية بهذا النظام إلا أنها معنية بنظام الأرصدة، وكليات أخرى يفترض أن تبدأ مطلع العام الدراسي بالنظام الجديد.
وعن مصير الطلاب الذين تخرجوا بثلاث سنوات مثل طلاب الاعلام، قال «عندما يأتيني نظام كلية الاعلام بثلاث سنوات حسب النظام الجديد أوقع القرار، في حين أن الدولة لا تشترط أربع سنوات. علما ان الإجازة تخول الطالب بالدخول الى سوق العمل.
من هنا نطلب من طلابنا متابعة الدراسة في السنة الرابعة بانتظار صدور المناهج والأنظمة الداخلية للكلية. ويفترض بالكليات الخمس التي أصبحت مناهجها جاهزة مع مطلع العام الدراسي، وبعد أن أوقعها والوزير عندها تصوب الأمور، ويصبح الطالب يحمل إجازة بالعلوم أو في الاعلام أو في العلوم السياسية (ثلاث سنوات) والتي تخوله الدخول الى مباراة رؤساء الدوائر ووزارة الخارجية».
أضاف: يبقى موضوع الإجازات المتعلقة بالنقابات مثل الحقوق، الإجازة التعليمية، التمريض الهندسة. ففي نظام القواعد المشتركة لاحظنا هذا الأمر، لأن كلية العلوم تخرّج أساتذة تعليم ثانوي لكل لبنان، وتشبه كلية التربية. ففي هذا النظام هناك إمكانية إنشاء دبلوم لمدة سنة إضافية، مثلا طالب الحقوق أنهى ثلاث سنوات، (تبدأ العام المقبل) هنا لدينا خياران إما أن يدرس سنة رابعة للدخول الى النقابة، وثلاث سنوات تدريب، أو ثلاث سنوات إجازة وسنتين ماستر للمهن القضائية، عندها يدخل الى نقابة المحامين بسنتين تدريب، ويكون مهيأ أكثر علما أن طلابنا يبدعون في مباريات القضاة ونجح 20 من الجامعة اللبنانية من أصل 27، من مختلف الجامعات. وتابع: في العلوم أيضا يقدر المتخرج دخول سوق العمل كرئيس دائرة، أو يعلم في القطاع الخاص، أو الابتدائي، وإذا أراد أن يدخل التعليم الثانوي عليه دراسة سنة رابعة، ولدينا مشروع «وللأسف كلية التربية غير قادرة على تلبيتنا، كونها مضغوطة في إعداد المعلمين»، ماستر تعليم ثانوي تصبح دراسته خمس سنوات، ويشترك في إعداده سنة كلية العلوم وسنة كلية التربية، ومن ينهي هذا الماستر يستطيع النجاح في مباراة مجلس الخدمة المدنية، ويعفى من دورة الإعداد في كلية التربية، وبذلك نكون قد قدمنا متخرّجا مميزا.
تفعيل البحث العلمي
وعن الخطة لتفعيل البحث العلمي بما يتناسب مع أهمية الأبحاث ودورها في النظرية والتطبيق، قال د. شكر «عندما استلمت رئاسة الجامعة كانت الموازنة المخصصة للبحث العلمي مليار ليرة وكان يصرف منها 300 مليون ليرة، لأبحاث فردية والباقي ينقل الى اعتمادات أخرى، والسنة الماضية صرفنا ثلاثة مليارات ليرة لدعم البحث العلمي، أي في أربع سنوات تضاعف المبلغ عشر مرات. في ست سنوات نشر اساتذة الجامعة اللبنانية أبحاثا علمية حتى العام 2009، 1431 بحثا موثقا، وفي العام 2009 وحده نشرت نصف هذه الأبحاث. والسبب تأمين المختبرات وتحديدا في كلية العلوم.
وتابع «عندما استلمت رئاسة الجامعة كان عدد الماستر البحثي ستة، حاليا لدينا 18 ماستر بحثيا، ومن بينها خمسة في السنة الأولى يدخل عدد من الاختصاصات في كل فصل، وعمليا يصبح لدينا 33 ماستر بحثيا، وقد تخرج هذا العام 285 طالب ماستر بحثي، أي من نزل اسمه على بحث مع أستاذه، و65 دكتوراه مشتركة بين الجامعة اللبنانية والجامعات الأوروبية، منهم 54 طالبا تأمنت لهم منح بالتعاون مع جامعات فرنسية وجمعيات لبنانية ومركز البحوث».
وأكد أن الجامعة تتحول في موضوع البحث العلمي من جامعة تعليمية جيدة الى جامعة بحثية، وفي ظل ضعف إمكانات الدولة علينا ان نجد شراكة مع القطاع الخاص، وبدأنا مع بعض الشركات الصغيرة وجمعية العزم والسعادة، ونبحث الموضوع مع جمعية الصناعيين التي أبدت الاستعداد للتعاون مع الجامعة اللبنانية لتطوير صناعتهم و«أنا مرتاح جدا لما تحقق حتى الآن».. كما أننا نتحول الى المنح الجزئية، في البحث العلمي، بحيث يقضي الطالب نصف فترة أبحاثه في الجامعة والنصف الآخر في الجامعات الأوروبية، فبدل أن تكون المنحة بقيمة 18 مليون ليرة تعطى نصف منحة للطالب، طالما يؤمن له في الجامعة مراكز أبحاث ومختبرات، وقد بدأنا بنظام المنح منذ خمس سنوات.
وهل الطموح يقف عند هذا الحد، يجيب رئيس الجامعة بالقول «طموحنا ان نصل في الآداب والإنسانيات والحقوق الى الأبحاث العلمية، لأنها أكبر ضابط لنوعية الأطروحة وجديتها، فلا يجوز أن ينفرد أساتذة ويقرروا إعطاء دكتوراه لطلاب أحدهم ويتداورا على ذلك، هذا أمر غير طبيعي، وسنعمل كما هو معمول به في فرنسا حيث تؤلف لجنة مناقشة دكتوراه من مختلف جامعات، وبعد المناقشة تعطى الشهادة».
التفرغ والطلاب
وعن قوله ان تفرغ الأساتذة ليس للكسب وأنه سيطبق القانون، اعترف شكر بوجود خرق لقانون التفرغ، «حاولنا مواجهته مع العمداء ولم ننجح. وللأسف كي نتمكن من تطبيق القانون لا أقدر وحدي على ذلك،علما أنه كانت لدي الرغبة والشجاعة في اتخاذ القرار، ولم أجد تعاونا من قبل العمداء والمدراء، ووجهت كتب استفسار واستجواب لأساتذة، نفوا «التهمة». وأيضا إذا لم يؤكد لي العميد أو المدير، أن الاستاذ مخالف لا أستطيع أن أوجه له إنذارا، أو أن أتخذ أي تدبير بحقه.
وكيف يعقل أن يكون عميد أو مدير في جامعة خاصة متفرغا في الجامعة اللبنانية، ينفي شكر علمه بذلك، وقال «هناك أساتذة متفرغون يعملون بصفة مستشار لهذه الجامعة أو تلك، وهناك أساتذة يعلمون في مدارس، أو يعملون في مؤسسات خاصة. طلبت من العمداء أن يطبقوا القانون، وتحديد عدد الساعات على مدى ثلاثة أيام في الكليات، وتحديدا كلية الهندسة، إلا أنني لا أستطيع أن أحل محل العميد. وهذا من الأسباب التي أدت الى عدم حماسة لدى السلطة لتفرغ جديد في الجامعة قبل ضبط وضع الهيئة التعليمية ووضع قانون في الجامعة وفيه تقديم الحوافز وأيضا العقاب».
ولجهة السماح في بداية العام المقبل، إعادة انتخاب مجالس الطلاب ودوره لإعادة إحياء الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية. أوضح شكر أنه طلب من ممثلي الطلاب لهذه الانتخابات، فكان جوابهم أنهم جاهزون، علما أن تركيبة الاتحاد الوطني فيها بعد سياسي، وبإمكاني أن أقترح كيفية تمثيل المناطق والفروع، إلا أن ذلك يحتاج الى توافق. وأكد سيحضر لمشروع في بداية العام الدراسي وسيوجه الدعوة الى اجتماع للقوى السياسية «لأن مجالس فروع بدون الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية، لا تعني شيئا.. بل تعني إدخال السياسة الصغيرة الى الجامعة وليس السياسية التربوية المطلوبة من الاتحاد، وهذا ما أجمع عليه الطلاب، وبدون الاتحاد سنعود الى صراعات.. مثل أنا فزت وأنا ربحت..».
مكتبة علمية
ويفاخر رئيس الجامعة بما تحقق لجهة وضع مكتبات الجامعة، وأشار الى أنه «في العام 2004 كان لدينا اشتراك في (الأبحاث العلمية الأولية) أي قاعدة بيانات أولية، وتضم 4600 مجلّة علمية متعددة الاختصاصات، ويمكن من خلالها الاطلاع على المقالات المنشورة في المجلات العلمية، ولكن من دون الحصول على النص الكامل، أما حاليا فلدينا اشتراك بـ21544 مجلة الكترونيّة كلفتها 456 ألف دولار، واشتراك مجلة science direct وحدها 114 ألف دولار، علما أن اشتراكها الفعلي هو مليون دولار، إضافة الى 54562 ألف كتاب الكتروني موجود على الانترنت كلفة اشتراكهم 147 ألف دولار. وقد تمكنا من مكننتها عبر برنامج ربط بين كليات الجامعة تمكن مثلا طالب الحقوق من معرفة ما هو منشور عن الاعلام، وقد تم تزويد المكتبات بستين متخصصا، وبـ150 اختصاصيا في المعلوماتية، إلا أنه نتيجة النقص الحاصل في الجهاز البشري، لم نتمكن من مكننة سوى نصف الكتب الموجودة». وأكد أن من يستفيد من هذه المكتبة هم طلاب الجامعة وأساتذتها، وبإمكانهم ولوجها عبر مركز مصادر المعلومات في الجامعة، وهي محصورة فقط بالطلاب والأساتذة داخل الجامعة.
الجامعة وسوق العمل
وعن رؤيته للربط بين الجامعة وسوق العمل والتعاون مع الشركات والمؤسسات الخاصة، ومع جمعية الصناعيين تحديدا. أكد رئيس الجامعة أنه لا يكفي أن يكون لدى المتخرّج معلومات مكثفة وجيدة، وحجم الجامعة الكبير، من المشاكل التي تواجهنا في مسائل التدريب، إلا أننا نحاول ضمن الممكن، ليس فقط مع جمعية الصناعيين، وأيضا مع نقابة المحاسبين بالنسبة لطلاب إدارة الأعمال ومع بعض المصارف، وسوف ألتقي قريبا حاكم مصرف لبنان. فالتدريب الجيد أساسي لسوق العمل ولا تكفي المعلومات، وهذا الموضوع من الأولويات عندي، لكن ليس من السهل تحقيقه، فعندما تكون جامعة تضم ستة أو سبعة آلاف طالب، ولديها إدارة موارد بشرية ومسؤول يؤمن التواصل، تسهل الأمور، أما في الجامعة فهذا غير موجود.
وعن مساعيه لإدخال مشاريع الطلاب في سوق المنافسة، أو استفادة الدولة من أفكار الطلاب والهيئة التعليمية كما حصل، عبر التنسيق مع وزارة التربية وكلية الهندسة ومعهد الفنون، في دراسة بعض المدارس الرسمية، وصف هذه التجربة بالناجحة «لأنها كانت دراسات مجانية، ولكن عندما يكون هناك بدل أتعاب، عندها تدخل المنافسة، ولا تعطى للجامعة اللبنانية. ومع ذلك لا تتوقف المساعي، وقد حصل لقاء مع المدير العام لمجلس النواب عدنان ضاهر، وتم الاتفاق مبدئيا، بحيث تصبح الجامعة جهازا استشاريا للجان النيابية، وأي لجنة نيابية تحتاج الى استشارة فنحن جاهزون، إن كان في قانون الانتخاب، التنظيم المدني، الزراعة، قانون البحار، الهندسة وغيرها، لكن المشكلة ان أغلب الدراسات التي تقدم للحكومة وتمول عبر قروض يفرض صاحب القرض ان يكون الفريق الاستشاري من عند الممول. ومن ضمن المشاريع التي قدمتها الجامعة دراسات لمجمع بعلبك، الذي سنقدمه لوزير التربية، وهو جاهز منذ سنوات، ويحتاج الى بعض التعديلات، فإذا كنا قد قدمناه الى مكتب هندسي لكان كلف أكثر من نصف مليون دولار، لذلك لماذا لا يُستفاد من خبرات الجامعة؟
بذل رئيس الجامعة د. زهير شكر مساعي عدة في خلال ولايته، لإبعاد السياسية قدر المستطاع عن الجامعة، إلا أنه يعترف بعدم القدرة على تحقيق ذلك. فالتدخل السياسي كبير، كبر الجامعة المنتشرة على الأراضي اللبنانية، والأمور لا تنتظم فيها ما لم تحظ بإجماع سياسي، وتحديدا في تعيينات العمداء والمديرين وتفرغ الأساتذة وعقود الساعة وتجديدها.. وأيضا في توزيع الهيئة التعليمية على الفروع. فالمحاصصة الطائفية في التعيينات قائمة، ولم تنفع مختلف محاولات تجاوزها، وخير دليل على ذلك هو بقاء الجامعة من دون عمداء زهاء أربع سنوات.
كما أن محاولات عدة بذلت من أجل تحويل الجامعة الى مجموعة جامعات، إلا أن شكر يؤكد رفض تقسيم الجامعة، مؤكدا أن وحدة لبنان هي من وحدة الجامعة.
ويشدد شكر على ضرورة امتلاك رؤية استراتيجية واضحة لجهة وظيفة الجامعة اللبنانية ودورها وهويتها، وما هو المطلوب منها، وطبيعة دورها العلمي والوطني، وطبيعة علاقتها بسوق العمل.
وعلى الرغم من الغيوم الضبابية التي تلف الجامعة بين وقت وآخر، إلا أن فسحة الأمل تبقى كبيرة، والحياة الأكاديمية تسير قدما، وخير دليل الانجازات التي تمت في الجامعة، وعشرات الاتفاقات مع جامعات عربية وأجنبية، وتعاون على أبحاث مشتركة، حتى وصل عدد الأبحاث العلمية الى أكثر من 1400 بحث علمي موثق، بالإضافة الى تجلي الطلاب وتفوقهم، وكان آخرها نجاح عشرين طالبا من الجامعة من أصل 27 تقدموا الى مباريات القضاة.
ومع أنه لا يمكن الإحاطة بجميع ملفات الجامعة، إذ يحتاج الى مساحة كبيرة، إلا أن حديث رئيس الجامعة لـ«السفير» سعى الى وضع الإصبع على الجرح، من خلال التركيز على تحديث قوانين الجامعة، وعلى معاهد الدكتوراه والبحث العلمي فيها، والتعاون مع الجامعات الأخرى في لبنان والخارج، وتطور المكتبة العلمية والبحثية، وبناء المجمعات، واشتراك الجامعة مع الدولة والقطاع الخاص في تدريب الطلاب، ودور الجامعة والصعوبات في التعاطي مع الاساتذة في ما خص التعاقد مع عقود جديدة، والتفرغ. في ما يلي نص الحوار:
الجامعة صورة الوطن
السؤال الأول الذي يشغل البال يتركز على سبل ايلاء الجامعة اللبنانية الاهتمام الذي يليق بكونها صورة الوطن وتعبر عن تكوينه التعددي، ومنع دخول السياسية إليها «قدر الإمكان». ويعترف شكر «بأن الجامعة هي صورة عن الوطن بمعنى من المعاني فهي جامعة لكل الوطن ولكل المناطق ومختلف الطوائف بخلاف الجامعات الأخرى، التي هي إما جامعات لطوائف أو لأبناء أو شبه جامعات». أما في الوجه السلبي، بمعنى ارتباط الجامعة كصورة عن الوطن، أي ارتباطها بالجانب السياسي تعيينا وتفرغا للاساتذة، وشروط التوازن الطائفي التي تطلق فيرى أنه «أمر سيئ ونحاول التخلص منه تدريجا، والدليل آخر دفعة تفرغ للأساتذة قبل سنتين، حيث لم نتوقف عند مبدأ المناصفة مع اقتناعي شخصيا بأهمية وجود المسيحيين داخل الجامعة اللبنانية بدلاً من التوجه نحو الجامعات الخاصة، لكن ذلك لم يحل دون التفرغ الذي لم يراع التوازن، علما بأن عدد الأساتذة المسلمين المستوفين الشروط كان أكبر ولم يتم تفريغهم، وتم تفريغ مسيحيين لم يكونوا يدرسون في الجامعة، ومع ذلك لم نصل الى التوازن، لأنه بكل بساطة، هذا هو الموجود في الجامعة». وسجل شكر موقفا ايجابيا لكل القيادات المسيحية التي تواصل ممثلوها مع وزير التربية حينها (خالد قباني)، الذين أكدوا حق الاساتذة بالتفرغ، برغم عدم مراعاة التوازن الطائفي. ويعرب رئيس الجامعة عن أسفه لأن يكون التحاق الأساتذة في الفروع الثانية، «حتى لو تفرغ مسيحي في فروع الشمال أو في الجنوب يحاول جاهدا ان ينتقل الى الفروع الثانية، وإذا تفرغ في زحلة وهو يسكن في بيروت يسعى للانتقال الى الفروع الثانية وهذه مشكلة، وأنا لا أريد أن تكون الفروع الثانية للمسيحيين فقط والفروع الأخرى للمسلمين».
واعترف د. شكر بصعوبة الخروج من زاوية المحاصصة الطائفية في التعيينات، وسأل «كيف نخرج من ذلك وعلى رئيس الجامعة أن يكون من طائفة معينة، ورئيس المصلحة الإدارية من طائفة والعمداء يحتاج تعيينهم الى توازن طائفي». أضاف: ما يهمني أنا ووزير التربية والتعليم العالي مراعاة الكفاءة، حتى إذا راعينا التوازن الطائفي، فعندما نبحث عن الأفضل في الطائفة يبقى أقل ضررا، المهم ان نأتي بأفضل من لديه الكفاءة ومقدرة على العمل وملفه العلمي جيد».
وأسف رئيس الجامعة ان تكون الجامعة «صورة عن المجتمع وصراعات للسياسيين» وقال «للأسف جامعتنا مسيسة أكثر من كل الجامعات، لأنه في الجامعة الخاصة يستطيع رئيس جامعة اتخاذ أي تدبير بحق أي طالب يخالف النظام ويتجاوز الأصول، أو يدخل السياسية أو يتهجم على فريق ما، وبصراحة ليس لدينا هذه الإمكانات.. فقد حصل عندنا حوادث اعتداء بين أطراف على بعض مناصريها، وصلت ليس فقط الى حد الضرب، بل أدت الى جروح كادت ان تكون قاتلة وأخلي سبيل المعتدين في الليلة ذاتها. ولأن الوضع السياسي منذ عام في حال من الارتخاء السياسي كان وضع الجامعة بحالة ممتازة ولم يحصل أي إضراب طلابي أو تعطيل للدراسة، وكان انسجام طلابي، ولكن إذا تأزم الوضع السياسي أول من تتأثر به هي الجامعة اللبنانية». وعن التدخلات السياسية الطائفية في إدخال الطلاب، والتعاقد مع أساتذة جدد قال «لا أبالغ إذا قلت انه بمعنى الضغط لإدخال طلاب لم أشعر به، وكما هو معلوم لدينا مباراة دخول لمختلف الكليات، ولم يتصل بي أي طرف سياسي متدخلا، علما بأن الكثير من السياسيين يتدخلون في كل شاردة وواردة، أما في المباريات ونتائجها فلا يتدخل أحد».
وفي ما خص التعاقد مع أساتذة جدد تابع «ليس التدخل السياسي فقط، وللأسف آليات العمل التي تعتمد في الكليات وعدم الالتزام بالمرسوم 9084 وعدم إعلان الشواغر ضمن المهل المحددة تؤدي الى التدخل السياسي أو غير السياسي». ورأى ان التدخل السياسي يكون أهون من أن يتدخل أستاذ جامعي لتقديم ملف أستاذ على أستاذ، معترفا بأن هذا ما يحصل في الجامعة، لكن بحدود ضيقة. ووصف وضع مجلس الوزراء يده على عقود التفرغ والتوظيف، بالسلبي وبالتدخل السياسي، وهذا «أدى الى مشاكل متعاظمة في عقود المصالحة». واستدرك «ربما كان وقتها يفترض اتخاذ تدبير كهذا حتى لا تفلت الأمور، خاصة إذا لم يكن مجلس الجامعة فعالا». وقال «أفهم موافقة مجلس الوزراء، من دون تحديد تاريخ محدد، وإلا تعرض العقود، وإلا أنه أصبح لنا على هذه الحال ثماني سنوات بحيث أصبح عدد عقود المصالحات أكبر من عقود الساعة، وهذا أمر غير طبيعي».
تحديث قانون الجامعة
ويشدد رئيس الجامعة على ضرورة تحديث قوانين الجامعة، وقال «تقدمت الى وزير التربية من خلال إطلاق مشروع قانون جديد للجامعة، قابل للنقاش في مجلس الوزراء أو اللجان النيابية لتنظيم الجامعة اللبنانية. وعندما طرحت هذا المشروع على الرئيس فؤاد السنيورة أبدى الكثير من الاهتمام، لأنه يرد على الكثير من الأسئلة، فالجامعة قائمة على قانون الـ1967 الذي حدد الهيكلية الإدارية وطريقة العمل وتكوين مؤسسات الجامعة على اساس عدد طلابها خمسة أو ستة آلاف طالب، وكلياتها خمس أو ست واليوم الجامعة 19 كلية و75 ألف طالب وموجودة في كل لبنان. فحكما يستدعي الأمر إعادة النظر بالهيكلية الإدارية والأكاديمية للجامعة، وبآليات اتخاذ القرار وباستحداث مؤسسات جديدة ما زالت غير موجودة في الجامعة».
وتابع «تصور أكبر جامعة في لبنان ليس فيها نائب رئيس، علما بأن أصغر جامعة خاصة فيها خمسة نواب رئيس، والمشروع ينطلق من أمور أساسية بالنسبة لنا من وحدة الجامعة اللبنانية، وهي تتجلى بوحدة البرامج الأكاديمية ووحدة الشروط والأسس المرتبطة بتنظيم قواعد العمل التنظيمية ووحدة الأطر القانونية المنظمة للعمل الأكاديمي والإداري والمالي، ووحدة العمل السياسي البحثية، وفي المقابل ينطلق من اللامركزية في الأمور الإدارية والمالية، وتعزيز صلاحيات المدراء، خصوصا ان المدير لا يستطيع ان يعمل إجازة شراء لأنه يحتاج الى توقيع عميد. وتعزيز دور الفرع الإداري والمالي ضروري جدا».
أضاف: «يطرح المشروع أيضا، دور مجلس الجامعة، كون مجلس الجامعة كان فضفاضا، وعدده كبير جدا، وكانت المناقشات تأخذ ساعات وساعات، وتتداخل الأمور بعضها ببعض، ويقترح المشروع أن يقتصر دور اجتماعات مجلس الجامعة على الأمور الرئيسة لا أن يجتمع كل أسبوع بل أن يجتمع مرة كل شهر أو شهرين، واقترحنا مجلسين تنفيذيين للجامعة، مجلس لكليات العلوم والتكنولوجيا، ومجلس آخر لبقية الكليات، وان تكون الأمور الأساسية بيد مجلس الجامعة، والأمور التنفيذية غير الأساسية في المجلس الثاني، مثل تجديد عقود تفرغ، وعقود الساعات على أن يضم 13 عضواً، بدل أن يكون 30 عضواً، مع المحافظة على الاستقلالية المالية والادارية والأكاديمية واستعادة القرار الأكاديمي من مجلس الوزراء».
وعما إذا كان يمكن تحقيق ذلك، قال «هذا الموضوع موضع نقاش في لبنان، هناك من يطالب بجامعات في لبنان وفي المحافظات، وهناك من يطالب بمكون جديد في الجامعة، وهو مشروع وضعه الوزير السابق د. خالد قباني، وبإنشاء وحدات جامعية تشبه معاهد الدكتوراه، والأمر لا يخفى على أحد هناك من يريد أن يقسم الجامعة، وأنا شخصيا ضد ذلك، لأن وحدة لبنان من وحدة الجامعة، إضافة الى ذلك ان التجربة في الدول المتقدمة، أكدت على ضرورة وحدة الجامعة».
الفروع الجامعة
ومع تشديده على ضرورة توحيد الجامعة، رأى د. شكر في نتائج إنشاء فروع جامعية في المناطق بالكارثية، فبدل «ان تؤدي الى تنمية المناطق، أدت الى مستويات مختلفة بين جامعة المركز والفروع، ونحن نتكلم عن المناهج والبرامج ووحدة مباراة الدخول عدا وحدة بناء الطالب، الدراسة في الماستر والدكتوراه، والتقاء الاساتذة والنسيج الاجتماعي والتواصل على مستوى الماستر والدكتوراه في الآداب والحقوق وحاليا في العلوم الاجتماعية وفي العلوم والتكنولوجيا». وأكد أن تنمية المناطق تكون بأسس علمية ومدروسة. فـ«الأولوية هي في بناء مجمعات جامعية، بدلا من التفريع». ويستذكر رئيس الجامعة ما قاله له منذ سنتين وزير التعليم العالي المغربي «أنه يجب ألا ندخل تجربة جامعات المناطق، لان نتيجتها أدت الى مستويات مختلفة». وسأل «من هنا كيف نؤمن وحدة المناهج والمستوى ومباراة الدخول علما أنه في هذا الطرح يمكن ألا يعجب أبناء المناطق». وقال «نعمل على تعزيز الفروع في المناطق ان من خلال تفريغ اساتذة جدد لأنه في المناطق بدأت الفروع بأساتذة غير مستوفين للشروط، لأن الحاجة فرضت الاستعانة بأساتذة غير مستوفين للشروط، وكان من نتائجه مستويات أقل من فروع العاصمة».
وأعرب عن أسفه لأن «اساتذة المناطق يقيمون في بيروت، ولا يساهمون في تنمية مناطقهم، ولو بإعطاء ساعة تدريس واحدة».
قانون المجالس الأكاديمية
وينفي شكر أن يكون القانون 66 (قانون المجالس الأكاديمية) مطروحا للتغيير، ويوافق على وجود بعض الثغرات فيه، لأنه أقره النواب بسرعة، و«من النواب الذين أصروا عليه، يطالبون حاليا بإجراء تعديلات على القانون وان يكون فيه مرونة أكثر».
ولفت الى ان قانون السبعينيات المتعلق بالتفرغ قد مضى عليه الزمن، ولا يتكلم عن التفرغ الجزئي، أو إعطاء حوافز على البحث العلمي أو التدرج الأكاديمي. وقد أصبح شائعا ان الأستاذ بات موظفا، يحصل على درجة كل سنتين، وفي تعديل لمشروع قانون التفرغ في المشروع المقدم لحظنا مفهوما جديدا للتفرع الكلي في الجامعة، وقاربنا بأن يجمع الأستاذ بين رتبة الأستاذ والأستاذ الباحث، وأن يتفرغ للطلاب وان ينتقل من درجة علمية الى درجة ثانية وفقا لآليات علمية محددة، وللمثول أمام اللجان، وان يتطور راتبه وفقا لهذه الآليات، لا أن يتدرج راتبه كل سنتين.
وأكد رئيس الجامعة أهمية التفرغ الجزئي في الكليات التطبيقية، «نعاني مشكلة في ذلك، والجامعة بحاجة الى تفرغ جزئي مثلا في كليات الطب وطب الأسنان والهندسة، ففي الهندسة هناك 75 في المئة من الأساتذة يعملون في القطاع الخاص، ويفرضون على كليتهم دواما محددا، علما بأن بإمكانهم العمل في القطاع الخاص براتب محترم، من هنا المطلوب ان يكون تفرغهم جزئيا».
أما عن تجربة القانون 66 وعلى ضوء انتخابات العمداء والمدراء، فقال «عندما طرح القانون في مجلس النواب، من قبل النواب الاساتذة، كانت مطالبة بضرورة ان يعطى للوزير دور في إضافة اسم عند اختيار العمداء لتأمين التوازن الذي نحرص عليه، إلا أنه حصلت مزايدات ومطالبة بالمحافظة على استقلالية الجامعة. وكانت النتيجة انه في الترشيحات التي حصلت للعمداء والمدراء، أنها انطلقت من خلفيات سياسية ومذهبية، لا من خلفيات أكاديمية على الإطلاق، ولم تراع فيها الأصول الأكاديمية، ولم تدرس فيها الملفات الأكاديمية للمرشحين، وأيضا لم تعرض هذه الملفات على مجلس الفرع أو مجلس الوحدة، وبما اننا لا نعيش في مجتمع مثالي، والجامعة صورة عن المجتمع، لا بد من أن يكون (مع احترامنا للهيئة التعليمية) دور للعميد وللوزير ولمجلس الوزراء في إضافة اسم إذا وجدنا مخالفة للأصول في الترشيحات، علما بأنه في الترشيحات الأخيرة حوفظ شكلا على القانون. والمطلوب تعديل بعض الأمور غير الواضحة في ما خص الأقسام ورئاسة القسم. وعدا ذلك ليس هناك أي اعتراض على القانون 66 أو تعديل جوهري».
معاهد الدكتوراه
وعما إذا كان يمكن إعادة النظر في مرسوم إنشاء المعاهد العليا للدكتوراه ليتلاءم ومندرجات القانون الجديد المرتقب للتعليم العالي، وحيثيات النظام الجديد لـLMD الذي يطبق حاليا ناقصاً، أشار د. شكر الى اللقاء مع وفد من جمعية الصناعيين، وما قاله أحد أعضاء الوفد بعد جولة على مجمع المدينة الجامعة - الحدث، أنه كان يعارض معاهد الدكتوراه قبل أن يعرفها «كعادة اللبنانيين»، إلا أنه بعد اطلاعه على دور المعاهد أصبح مؤيدا لها.
وقال «المرسوم 74 لم يصدر من فراغ، وهو تتويج لمسار «تامبوس» العلمي، واحد في العلوم وآخر في الحقوق وكل مشروع بكلفة 150 الف يورو، بغية معرفة وضع الجامعة اللبنانية، والكادر التعليمي، المختبرات والباحثين، عدد الاساتذة، وهذا ما توصلت اليه اللجنة التي ضمت ممثلين عن جامعات أوروبية، ومن الجامعة اللبنانية بضرورة إيجاد معاهد للدراسات العليا تجمع الاختصاصات المتقاربة، بدلا من المعاهد المتخصصة المكلفة جدا.
وذكّر بالحركة الاعتراضية، من بعض العمداء بداية، الذين اعتبروا أن المعاهد تأخذ من صلاحياتهم، وأنه لا عميد للمعهد العالي، وتبين أنه موجود في انكلترا وفرنسا والسويد وغيرها. والإنتاج العلمي في الجامعة اللبنانية يبين كم تطور البحث العلمي فيها بعد إنشاء معاهد الدكتوراه.
وقال «خفت موجة الاعتراض على معاهد الدكتوراه، وانتظم العمل جيدا، خصوصا في فروع الشمال بعدما كان أول المعترضين، وأصبحوا مع معاهد الدكتوراه، وتحديدا في الاختصاصات العلمية والتكنولوجيا، لأن اساتذة الشمال محبون لمدينتهم، ويعملون بجد.
وعن وضع الماستر البحثي2، وهل سيبقى في معاهد الدكتوراه؟ أكد أنه من ضمن مشروع القانون الذي أعده، يعود الماستر البحثي2 الى الكليات، من دون الاستقلال به، خصوصا في العلوم والتكنولوجيا.
ولجهة الحلقة المفرغة في تطبيق النظام الجديد LMD نظرا لعدم وجود ترابط، اعترف بوجود إرباك ناتج من تأخر صدور القرارات التي تصدر عن رئيس الجامعة بموجب المرسوم والقواعد المشتركة لنظام LMD، وهناك تأخير من الكليات. والسبب؟ هو أن «الجامعة بحجمها وعدد الاساتذة، وكل استاذ يدافع عن مادته، ويتمسك بعدد ساعات مادته، وهذا كله أدى الى تأخير، فعلا نحن تأخرنا، لذلك حصلت هذه الأخطاء، والطالب يقول إنني أدرس ماستر واحداً، وهو فعلا يدرس الإجازة بانتظار صدور النظام الجديد، وهناك خمس كليات فقط من أصل 19 أنهت عملها مع اللجنة العليا لمناهج ما هو مطلوب منها، وهناك كليات لم تبدأ لأنها تعتبر نفسها غير معنية بهذا النظام إلا أنها معنية بنظام الأرصدة، وكليات أخرى يفترض أن تبدأ مطلع العام الدراسي بالنظام الجديد.
وعن مصير الطلاب الذين تخرجوا بثلاث سنوات مثل طلاب الاعلام، قال «عندما يأتيني نظام كلية الاعلام بثلاث سنوات حسب النظام الجديد أوقع القرار، في حين أن الدولة لا تشترط أربع سنوات. علما ان الإجازة تخول الطالب بالدخول الى سوق العمل.
من هنا نطلب من طلابنا متابعة الدراسة في السنة الرابعة بانتظار صدور المناهج والأنظمة الداخلية للكلية. ويفترض بالكليات الخمس التي أصبحت مناهجها جاهزة مع مطلع العام الدراسي، وبعد أن أوقعها والوزير عندها تصوب الأمور، ويصبح الطالب يحمل إجازة بالعلوم أو في الاعلام أو في العلوم السياسية (ثلاث سنوات) والتي تخوله الدخول الى مباراة رؤساء الدوائر ووزارة الخارجية».
أضاف: يبقى موضوع الإجازات المتعلقة بالنقابات مثل الحقوق، الإجازة التعليمية، التمريض الهندسة. ففي نظام القواعد المشتركة لاحظنا هذا الأمر، لأن كلية العلوم تخرّج أساتذة تعليم ثانوي لكل لبنان، وتشبه كلية التربية. ففي هذا النظام هناك إمكانية إنشاء دبلوم لمدة سنة إضافية، مثلا طالب الحقوق أنهى ثلاث سنوات، (تبدأ العام المقبل) هنا لدينا خياران إما أن يدرس سنة رابعة للدخول الى النقابة، وثلاث سنوات تدريب، أو ثلاث سنوات إجازة وسنتين ماستر للمهن القضائية، عندها يدخل الى نقابة المحامين بسنتين تدريب، ويكون مهيأ أكثر علما أن طلابنا يبدعون في مباريات القضاة ونجح 20 من الجامعة اللبنانية من أصل 27، من مختلف الجامعات. وتابع: في العلوم أيضا يقدر المتخرج دخول سوق العمل كرئيس دائرة، أو يعلم في القطاع الخاص، أو الابتدائي، وإذا أراد أن يدخل التعليم الثانوي عليه دراسة سنة رابعة، ولدينا مشروع «وللأسف كلية التربية غير قادرة على تلبيتنا، كونها مضغوطة في إعداد المعلمين»، ماستر تعليم ثانوي تصبح دراسته خمس سنوات، ويشترك في إعداده سنة كلية العلوم وسنة كلية التربية، ومن ينهي هذا الماستر يستطيع النجاح في مباراة مجلس الخدمة المدنية، ويعفى من دورة الإعداد في كلية التربية، وبذلك نكون قد قدمنا متخرّجا مميزا.
تفعيل البحث العلمي
وعن الخطة لتفعيل البحث العلمي بما يتناسب مع أهمية الأبحاث ودورها في النظرية والتطبيق، قال د. شكر «عندما استلمت رئاسة الجامعة كانت الموازنة المخصصة للبحث العلمي مليار ليرة وكان يصرف منها 300 مليون ليرة، لأبحاث فردية والباقي ينقل الى اعتمادات أخرى، والسنة الماضية صرفنا ثلاثة مليارات ليرة لدعم البحث العلمي، أي في أربع سنوات تضاعف المبلغ عشر مرات. في ست سنوات نشر اساتذة الجامعة اللبنانية أبحاثا علمية حتى العام 2009، 1431 بحثا موثقا، وفي العام 2009 وحده نشرت نصف هذه الأبحاث. والسبب تأمين المختبرات وتحديدا في كلية العلوم.
وتابع «عندما استلمت رئاسة الجامعة كان عدد الماستر البحثي ستة، حاليا لدينا 18 ماستر بحثيا، ومن بينها خمسة في السنة الأولى يدخل عدد من الاختصاصات في كل فصل، وعمليا يصبح لدينا 33 ماستر بحثيا، وقد تخرج هذا العام 285 طالب ماستر بحثي، أي من نزل اسمه على بحث مع أستاذه، و65 دكتوراه مشتركة بين الجامعة اللبنانية والجامعات الأوروبية، منهم 54 طالبا تأمنت لهم منح بالتعاون مع جامعات فرنسية وجمعيات لبنانية ومركز البحوث».
وأكد أن الجامعة تتحول في موضوع البحث العلمي من جامعة تعليمية جيدة الى جامعة بحثية، وفي ظل ضعف إمكانات الدولة علينا ان نجد شراكة مع القطاع الخاص، وبدأنا مع بعض الشركات الصغيرة وجمعية العزم والسعادة، ونبحث الموضوع مع جمعية الصناعيين التي أبدت الاستعداد للتعاون مع الجامعة اللبنانية لتطوير صناعتهم و«أنا مرتاح جدا لما تحقق حتى الآن».. كما أننا نتحول الى المنح الجزئية، في البحث العلمي، بحيث يقضي الطالب نصف فترة أبحاثه في الجامعة والنصف الآخر في الجامعات الأوروبية، فبدل أن تكون المنحة بقيمة 18 مليون ليرة تعطى نصف منحة للطالب، طالما يؤمن له في الجامعة مراكز أبحاث ومختبرات، وقد بدأنا بنظام المنح منذ خمس سنوات.
وهل الطموح يقف عند هذا الحد، يجيب رئيس الجامعة بالقول «طموحنا ان نصل في الآداب والإنسانيات والحقوق الى الأبحاث العلمية، لأنها أكبر ضابط لنوعية الأطروحة وجديتها، فلا يجوز أن ينفرد أساتذة ويقرروا إعطاء دكتوراه لطلاب أحدهم ويتداورا على ذلك، هذا أمر غير طبيعي، وسنعمل كما هو معمول به في فرنسا حيث تؤلف لجنة مناقشة دكتوراه من مختلف جامعات، وبعد المناقشة تعطى الشهادة».
التفرغ والطلاب
وعن قوله ان تفرغ الأساتذة ليس للكسب وأنه سيطبق القانون، اعترف شكر بوجود خرق لقانون التفرغ، «حاولنا مواجهته مع العمداء ولم ننجح. وللأسف كي نتمكن من تطبيق القانون لا أقدر وحدي على ذلك،علما أنه كانت لدي الرغبة والشجاعة في اتخاذ القرار، ولم أجد تعاونا من قبل العمداء والمدراء، ووجهت كتب استفسار واستجواب لأساتذة، نفوا «التهمة». وأيضا إذا لم يؤكد لي العميد أو المدير، أن الاستاذ مخالف لا أستطيع أن أوجه له إنذارا، أو أن أتخذ أي تدبير بحقه.
وكيف يعقل أن يكون عميد أو مدير في جامعة خاصة متفرغا في الجامعة اللبنانية، ينفي شكر علمه بذلك، وقال «هناك أساتذة متفرغون يعملون بصفة مستشار لهذه الجامعة أو تلك، وهناك أساتذة يعلمون في مدارس، أو يعملون في مؤسسات خاصة. طلبت من العمداء أن يطبقوا القانون، وتحديد عدد الساعات على مدى ثلاثة أيام في الكليات، وتحديدا كلية الهندسة، إلا أنني لا أستطيع أن أحل محل العميد. وهذا من الأسباب التي أدت الى عدم حماسة لدى السلطة لتفرغ جديد في الجامعة قبل ضبط وضع الهيئة التعليمية ووضع قانون في الجامعة وفيه تقديم الحوافز وأيضا العقاب».
ولجهة السماح في بداية العام المقبل، إعادة انتخاب مجالس الطلاب ودوره لإعادة إحياء الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية. أوضح شكر أنه طلب من ممثلي الطلاب لهذه الانتخابات، فكان جوابهم أنهم جاهزون، علما أن تركيبة الاتحاد الوطني فيها بعد سياسي، وبإمكاني أن أقترح كيفية تمثيل المناطق والفروع، إلا أن ذلك يحتاج الى توافق. وأكد سيحضر لمشروع في بداية العام الدراسي وسيوجه الدعوة الى اجتماع للقوى السياسية «لأن مجالس فروع بدون الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية، لا تعني شيئا.. بل تعني إدخال السياسة الصغيرة الى الجامعة وليس السياسية التربوية المطلوبة من الاتحاد، وهذا ما أجمع عليه الطلاب، وبدون الاتحاد سنعود الى صراعات.. مثل أنا فزت وأنا ربحت..».
مكتبة علمية
ويفاخر رئيس الجامعة بما تحقق لجهة وضع مكتبات الجامعة، وأشار الى أنه «في العام 2004 كان لدينا اشتراك في (الأبحاث العلمية الأولية) أي قاعدة بيانات أولية، وتضم 4600 مجلّة علمية متعددة الاختصاصات، ويمكن من خلالها الاطلاع على المقالات المنشورة في المجلات العلمية، ولكن من دون الحصول على النص الكامل، أما حاليا فلدينا اشتراك بـ21544 مجلة الكترونيّة كلفتها 456 ألف دولار، واشتراك مجلة science direct وحدها 114 ألف دولار، علما أن اشتراكها الفعلي هو مليون دولار، إضافة الى 54562 ألف كتاب الكتروني موجود على الانترنت كلفة اشتراكهم 147 ألف دولار. وقد تمكنا من مكننتها عبر برنامج ربط بين كليات الجامعة تمكن مثلا طالب الحقوق من معرفة ما هو منشور عن الاعلام، وقد تم تزويد المكتبات بستين متخصصا، وبـ150 اختصاصيا في المعلوماتية، إلا أنه نتيجة النقص الحاصل في الجهاز البشري، لم نتمكن من مكننة سوى نصف الكتب الموجودة». وأكد أن من يستفيد من هذه المكتبة هم طلاب الجامعة وأساتذتها، وبإمكانهم ولوجها عبر مركز مصادر المعلومات في الجامعة، وهي محصورة فقط بالطلاب والأساتذة داخل الجامعة.
الجامعة وسوق العمل
وعن رؤيته للربط بين الجامعة وسوق العمل والتعاون مع الشركات والمؤسسات الخاصة، ومع جمعية الصناعيين تحديدا. أكد رئيس الجامعة أنه لا يكفي أن يكون لدى المتخرّج معلومات مكثفة وجيدة، وحجم الجامعة الكبير، من المشاكل التي تواجهنا في مسائل التدريب، إلا أننا نحاول ضمن الممكن، ليس فقط مع جمعية الصناعيين، وأيضا مع نقابة المحاسبين بالنسبة لطلاب إدارة الأعمال ومع بعض المصارف، وسوف ألتقي قريبا حاكم مصرف لبنان. فالتدريب الجيد أساسي لسوق العمل ولا تكفي المعلومات، وهذا الموضوع من الأولويات عندي، لكن ليس من السهل تحقيقه، فعندما تكون جامعة تضم ستة أو سبعة آلاف طالب، ولديها إدارة موارد بشرية ومسؤول يؤمن التواصل، تسهل الأمور، أما في الجامعة فهذا غير موجود.
وعن مساعيه لإدخال مشاريع الطلاب في سوق المنافسة، أو استفادة الدولة من أفكار الطلاب والهيئة التعليمية كما حصل، عبر التنسيق مع وزارة التربية وكلية الهندسة ومعهد الفنون، في دراسة بعض المدارس الرسمية، وصف هذه التجربة بالناجحة «لأنها كانت دراسات مجانية، ولكن عندما يكون هناك بدل أتعاب، عندها تدخل المنافسة، ولا تعطى للجامعة اللبنانية. ومع ذلك لا تتوقف المساعي، وقد حصل لقاء مع المدير العام لمجلس النواب عدنان ضاهر، وتم الاتفاق مبدئيا، بحيث تصبح الجامعة جهازا استشاريا للجان النيابية، وأي لجنة نيابية تحتاج الى استشارة فنحن جاهزون، إن كان في قانون الانتخاب، التنظيم المدني، الزراعة، قانون البحار، الهندسة وغيرها، لكن المشكلة ان أغلب الدراسات التي تقدم للحكومة وتمول عبر قروض يفرض صاحب القرض ان يكون الفريق الاستشاري من عند الممول. ومن ضمن المشاريع التي قدمتها الجامعة دراسات لمجمع بعلبك، الذي سنقدمه لوزير التربية، وهو جاهز منذ سنوات، ويحتاج الى بعض التعديلات، فإذا كنا قد قدمناه الى مكتب هندسي لكان كلف أكثر من نصف مليون دولار، لذلك لماذا لا يُستفاد من خبرات الجامعة؟
0 comments:
إرسال تعليق