صفحات الموقع

الجمعة، 9 ديسمبر 2011

اخترنا لكم

كان ذلك قبل 13 عاماً. شاب على أبواب العشرين، مندفع، يعرف الكثير في مجال دراسته، لكنه لم يكن يفقه أموراً أساسية أخرى في الحياة. يومها، لم يكن قد اختبر "الحب"، ولم يكن مقتنعاً بما يتحدث عنه الأصدقاء من تسارع لدقّات القلب عند رؤية "الحبيب".
 فجأةً، في الفصل الثاني من السنة الجامعية الثانية، ظهرتْ. كانت معلّمته. ليس على الصعيد الأكاديمي فحسب، بل على صعد عدة. مفعمة بالأنوثة، تمتاز بشيء من الجمال. لا يعرف حتى اليوم أي سبب جعلها تنجذب إلى شاب يصغرها بتسع سنوات، في وقت يحدد هو لك مئة حجة لتعلّقه بها. تملّكته تلك المرأة. جعلته يختبر كل التجارب العاطفية والجسدية والنفسية التي كان يسمع ويقرأ عنها. تأثّر بها بشكل رهيب. غيّرت قناعاته، بدّلت الكثير من المفاهيم لديه، وليس مبالغاً إذا قلنا أنها جعلته يعيد تشكيل شخصيته وحياته. تعلّق بها. أحبها. أدمن عليها. ثم اختفتْ.
كان ذلك قبل 11 عاماً. شيئاً فشيئاً راحت تبعد. حاول الإتصال بها، لم تكن تجيب. بدّلت عنوان سكنها. أنهت تعاقدها مع الجامعة. علم من أصدقاء مشتركين أنها قررت العمل خارجاً. جنّ جنونه. ظلّ يبحث حتى وجدها قبل أيام قليلة من سفرها. في لحظة المواجهة، ظلّت صامتة. لم تعطه أي تبرير. توسّلها. رجاها. هددها، مؤكّداً لها: "إذا رحلتي، سأموت. لم يعد بإمكاني ان أتنفّس من دونك". لكنها رحلت، وتركته وحيداً يقاوم أعاصير هوجاء.
 قبل أسبوعين. التقى بها صدفة، ومعها طفل صغير. لم يتحدّثا. نظر إليها فقط، وكأنه يريد أن يخبرها شيئاً، كأن يقول مثلاً: أعراض الإنسحاب منكِ أخذتْ وقتاً طويلاً، والجراح لم تلتئم سريعاً، لكنني لم أمتْ. رغم كل هذه المعاناة: "ما حدا بيموت ورا حدا". الوقت كفيل ببلسمة الألم. إبتسم. أكمل سيره. لكنه لم يدر لماذا عاد قلبه إلى الخفقان سريعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق