تدخل متجراً، تتوجه إلى القسم المخصص للأغراض التي تحتاجها، وقبل أن تبلغه،
تجد نفسك تبحث عن سلّة أو عربة للمشتريات. تقول في سرّك: «لربما تذكّرت
شيئاً أحتاجه». وتنتهي عند صندوق الدفع، تفتح محفظتك، تفرغ ما فيها، وتخرج
مثقلاً بحمولة... على الأغلب لا تحتاجها.
وعلى المنوال ذاته، تقرر أن تبدأ حمية. تجلس إلى كنبتك، تقلّب القنوات، تقع في شرك الإعلانات «المشهية» عن وجبات سريعة. تقول في سرّك: «سأكافئ نفسي بوجبة كهذه استعداداً.. للحرمان».
لكي تفهم ما جرى معك وكيف تداعت قراراتك بسرعة شبيهة، عليك أن تفهم «كيف تغسل السلعة دماغك»، وما هي «الخدع التي تستخدمها الشركات للتلاعب بدماغك، وتقنعك بالشراء». العبارتان هما عنوان كتاب ألّفه الخبير بالتسويق مارتن ليندستروم، حيث «يكشف بعض أسرار مهنته»، ليصبح كتابه أشبه بنسخة محدّثة لكتاب ألّفه الصحافي فانس باكارد في العام 1957، بعنوان «المقنعون المموهون». وفي الكتاب الأخير، تم، للمرة الأولى، الكشف عن «الألاعيب النفسية التي تستخدمها صناعة الإعلان لحمل المستهلكين على احتياج السلع، فوراً»، ما أحدث «تغييراً في صورة المعلنين من مبدعين إلى شياطين يسعون حثيثاً لشراء الأرواح».
في كتابه، يروي ليندستروم، الذي عمل لصالح شركات «مكدونالدز» و«بروكتر أند غامبل» و«مايكروسوفت» العالمية، كيف باتت صناعة الإعلان «أكثر تعقيداً بكثير مما كانت عليه في الخمسينيات»، حيث بات متوفراً المعلنين «بحر من المعلومات المتعلقة بالمستهلكين المحتملين».
تبدأ القصة من بطاقات الإئتمان. كلما استخدمت بطاقة ائتمان الكترونية، تكون كمن يسلّم، طوعاً، معلومات شخصية عن نفسه. وفي كل مرة تنقر فيها على خانة البحث في محرك «غوغل»، أو تنقر خانة «أحب» على موقع «فايسبوك»، فإنك تقدّم المزيد والمزيد. فتلك المواقع الشعبية تكسب المال عبر بيع معلومات عامة للمعلنين.
ثمة «منقّبون عن المعلومات»، محترفون، يسبرون أغوار الشبكة العنكبوتية لإنشاء صورة مفصلة عما اشتريته في السابق، وتسمّى تلك العملية «اقتفاء الماضي»، وعن كيفية شرائك له، أي «اقتفاء السلوك». وهكذا، يصبح بإمكانهم لفت انتباهك لسلع يعتقدون أنك ربما تودّ شراءها في المستقبل. وهكذا، يبلغك هاتفك الذكي بأن ثمة متجراً يقع بالقرب من منزلك، وهو يبيع السلعة التي تبحث عنها.
وعلى المنوال ذاته، تقرر أن تبدأ حمية. تجلس إلى كنبتك، تقلّب القنوات، تقع في شرك الإعلانات «المشهية» عن وجبات سريعة. تقول في سرّك: «سأكافئ نفسي بوجبة كهذه استعداداً.. للحرمان».
لكي تفهم ما جرى معك وكيف تداعت قراراتك بسرعة شبيهة، عليك أن تفهم «كيف تغسل السلعة دماغك»، وما هي «الخدع التي تستخدمها الشركات للتلاعب بدماغك، وتقنعك بالشراء». العبارتان هما عنوان كتاب ألّفه الخبير بالتسويق مارتن ليندستروم، حيث «يكشف بعض أسرار مهنته»، ليصبح كتابه أشبه بنسخة محدّثة لكتاب ألّفه الصحافي فانس باكارد في العام 1957، بعنوان «المقنعون المموهون». وفي الكتاب الأخير، تم، للمرة الأولى، الكشف عن «الألاعيب النفسية التي تستخدمها صناعة الإعلان لحمل المستهلكين على احتياج السلع، فوراً»، ما أحدث «تغييراً في صورة المعلنين من مبدعين إلى شياطين يسعون حثيثاً لشراء الأرواح».
في كتابه، يروي ليندستروم، الذي عمل لصالح شركات «مكدونالدز» و«بروكتر أند غامبل» و«مايكروسوفت» العالمية، كيف باتت صناعة الإعلان «أكثر تعقيداً بكثير مما كانت عليه في الخمسينيات»، حيث بات متوفراً المعلنين «بحر من المعلومات المتعلقة بالمستهلكين المحتملين».
تبدأ القصة من بطاقات الإئتمان. كلما استخدمت بطاقة ائتمان الكترونية، تكون كمن يسلّم، طوعاً، معلومات شخصية عن نفسه. وفي كل مرة تنقر فيها على خانة البحث في محرك «غوغل»، أو تنقر خانة «أحب» على موقع «فايسبوك»، فإنك تقدّم المزيد والمزيد. فتلك المواقع الشعبية تكسب المال عبر بيع معلومات عامة للمعلنين.
ثمة «منقّبون عن المعلومات»، محترفون، يسبرون أغوار الشبكة العنكبوتية لإنشاء صورة مفصلة عما اشتريته في السابق، وتسمّى تلك العملية «اقتفاء الماضي»، وعن كيفية شرائك له، أي «اقتفاء السلوك». وهكذا، يصبح بإمكانهم لفت انتباهك لسلع يعتقدون أنك ربما تودّ شراءها في المستقبل. وهكذا، يبلغك هاتفك الذكي بأن ثمة متجراً يقع بالقرب من منزلك، وهو يبيع السلعة التي تبحث عنها.
موسيقى.. و«وحوش صغار»
لا يقف المعلنون عند الحد المذكور، إذ يضيفون «السكر على العسل»، بمعنى أنهم يستعينون بالعلم لاتمام عملية البيع، كالدراسات التي أثبتت على سبيل المثال أن الموسيقى تؤثر على السلوك: فالمتسوقون في المتاجر الأميركية ينفقون وقتاً أطول بنسبة 18 في المئة في المتجر، ويشترون سلعاً تزيد عن المعتاد بنسبة 17 في المئة، إن كانوا يستمعون إلى موسيقى ذات إيقاع بطيء.
أما الأطفال فهم في نظر المعلنين صيد مغر: «هؤلاء الوحوش الصغار يتمتعون بقدرة مذهلة على الإلحاح على حملة النقود»، علماً أن «حملة النقود» هو التعبير الذي يستخدمه المعلنون ليدلّوا على «الأهالي».
وقد تعلّم المعلنون أن «اكتساب العادات في الصغر، كالنقش على الحجر». ولذلك، «يقصفون الأطفال بإعلانات خاصة بهم منذ يوم ولادتهم». وتبين الإحصاءات أن بإمكان الأطفال الأميركيين، من عمر ثلاث سنوات، في المعدل العام، تمييز مئة سلعة، وبإمكان العديد من هؤلاء ترنيم نغمة الإعلانات التي يسمعونها. من هنا، تصبح المعادلة المثالية: «كلما أبكرت في اصطياد المستهلك، كلما كان ذلك أفضل».
ويقول ليندستروم في كتابه «الخدع التي تستخدمها الشركات للتلاعب بدماغك، وتقنعك بالشراء» أن المعلنين باتوا يكرسون وقتاً أطول للتسويق للرجال، بهدف حملهم على التسوّق. ففي العام 1995، كانت نسبة 53 في المئة فقط من الرجال الأميركيين تتسوق. اليوم، أصبحت النسبة 75 في المئة. وهكذا، خلق المعلنون من لا شيء، ما سميّ «صناعة العريس»، وهي صناعة تقدّر قيمتها بحوالي 27 مليار دولار.
ولم يغب عن أذهان المعلنين أيضاً، الاستفادة من تأثير الأصدقاء. فابتكروا ما أسماه ليندستروم، عملية إطلاق «الأوبئة الاجتماعية»، كمثل أن تلجأ شركة لبيع الثياب بتصوير كل من يشتري من ثيابها، ثم تبث صورهم على شاشة كبيرة، جاعلةً من المتسوقين «مشاهير آنيين»، أي «صورة عامة» يمكن أن تخلد في أذهان أصدقائهم الغيورين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق