صفحات الموقع

الاثنين، 23 أغسطس 2010

لبنان في قبضة الاحتباس الحراري وتبدل المناخ يؤثر على كل القطاعات


لم تعد درجات الحرارة في لبنان تنخفض ليلا كما اعتدنا، ابتداء من اوائل شهر تموز. وها نحن نشهد جوا حارا غير اعتيادي بلغ ذروته الجمعة إذ لامست الحرارة 40 درجة مئوية على الساحل، و43 في البقاع



سخونة الطقس ناجمة وفق الخبراء عن التغير المناخي العالمي، أو "الجنون المناخي" أو "تطرف العوامل المناخية" الناتج من الاحتباس الحراري، وقد تأثر به لبنان كالدول الأخرى.

"الكرة الارضية انقسمت الى جزءين، جزء حريق وجزء غريق"، كما يقول المدير العام لمصلحة الأبحاث الزراعية والاختصاصي في الأرصاد الجوية الدكتور ميشال افرام، الذي يحذر عبر "الوكالة الوطنية للاعلام" من تأثير ارتفاع الحرارة المستمر على المواطنين وعلى المحاصيل الزراعية التي بدأت بالتناقص نتيجة عدم قدرتها على تحمل تغير المناخ وارتفاع الحرارة".

ويشير الى "أن موجة الحر الآتية من شبه الجزيرة العربية على شكل كتل هوائية حارة، لم تعد موجة حر وإنما باتت جوا حارا لفترة طويلة، حولت الطقس الى خماسيني في المناطق الداخلية والجبلية، ومفعم بالرطوبة على الساحل، وبلغت ذروتها اليوم الجمعة. أما وطأة الحر فبين شديدة وقصوى، على أن يطرأ انخفاض بسيط على درجات الحرارة يومي السبت والاحد، وتنخفض بنسبة قليلة يومي الاثنين والثلثاء، لتنحسر كليا الاربعاء المقبل، فنعود الى الطقس الاعتيادي للفترة الحالية في شهر آب".

أضرار الحر

ويلاحظ افرام "أن موجة الحر المستمرة منذ ستة أسابيع لم يشهد لبنان مثيلا لها في تاريخه، وقد بدأت منذ منتصف تموز واشتدت في آب، ووفقا للدراسات، تتجه منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا الى تصحر ونقص في المياه ودرجات حرارة مرتفعة".

ويتحدث عن التغير المناخي الذي طرأ على لبنان والذي برز واضحا الشتاء الماضي، إذ شهدنا هطولا غزيرا للامطار أربع أو خمس مرات، ووصلت المتساقطات حينها الى 120 ملليمترا كل مرة، علما أن هذه النسبة تحتاج عادة الى شهر لتجميعها، مما يعني أن الأمطار تساقطت بكثافة في غير أوقاتها. ومنذ شباط الماضي انحبس المطر، مما يعني أن مواعيد الأمطار وكمياتها تغيرت"، لافتا الى "أن المتساقطات في لبنان هي دون المعدل الطبيعي بـ20 في المئة، اضافة الى انعدام تساقط الثلوج والصقيع، وقد شهدنا في آذار ليلتين من الصقيع خلفتا أضرارا في المزروعات، الامر الذي أدى الى تراجع الموسم السياحي".

ويتطرق الى تأثير موجة الحر سلبا على المواطن، "إذ ارتفعت نسبة الذين دخلوا المستشفيات جراء الحرارة القياسية وضيق التنفس"، محذرا من التعرض للشمس ولا سيما في فترة الظهر، وناصحا بتناول الماء والسوائل بكثرة. ويقول: "أعان الله الصائم هذه الأيام، لأن الطقس حار جدا ويستوجب الشرب بكثرة، واعتمار قبعات ووضع مراهم للوقاية".

الخسائر الزراعية

وعلى الصعيد الزراعي، يتحدث افرام عن خسائر كبيرة ولا سيما في موسم العنب الذي احترق بغالبيته مع العديد من المزروعات الخضرية، في حين تضررت بشكل كبير أشجار التفاح والتين والجوز والفستق الحلبي، إذ تتساقط الثمار أو تحترق، وكذلك الأمر بالنسبة الى الاشجار البرية التي بدأت أوراقها بالتساقط، وكأن فصل الخريف بدأ. ولا يختلف الأمر بالنسبة الى قطاع الدواجن، حيث نفقت بأعداد كبيرة الفراريج جراء الحرارة المرتفعة".

ويدعو المزارعين الى "التقيد بالتعليمات المعطاة لهم للحفاظ على موسمهم الزراعي، ولا سيما لجهة زيادة ري المزروعات صباحا وليس مساء، بكميات كبيرة أكثر من المعتاد، وخصوصا الأشجار المثمرة والخضر والزيتون لكي تستطيع تحمل الحرارة". كذلك يدعو مزارعي الدواجن إلى "زيادة التهوئة منعا لاختناق الطيور، كما حصل قبل أسبوعين في بعض المزارع"، محذرا من حدوث حرائق كبيرة في الاحراج.

ويعرب عن خشيته من تأثير التغير المناخي على المياه في لبنان "حيث تتناقص المياه السطحية والجوفية كثيرا بسبب الحر وبسبب استهلاكها بكثرة من دون إرشاد".

مقترحات للتكيف

وعن سبل مواجهة لبنان هذه الظاهرة يقول افرام: "التغيير يتطلب تحرك العالم أجمع للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. أما بالنسبة الى لبنان فيجب العمل على خطين: رسمي وشخصي. فعلى الصعيد الرسمي ينبغي زيادة التوعية على التغير المناخي ليتمكن المواطن من التكيف معه، على طريقة "إذا عرفت عدوي سأهزمه". لذلك علينا معرفة طريقة التكيف مع التغير المناخي من خلال ترشيد استعمال المياه والطاقة"، داعيا الحكومة الى "التشدد في تطبيق القوانين المتعلقة بالحد من التلوث وقطع الاشجار والغابات وكل الأمور التي تضر بالبيئة أو تتسبب بالتغير المناخي.

أما على الصعيد الشخصي، فعلى كل مواطن أن يتحمل مسؤوليته، بدءا من تكيفه مع التغير المناخي والمحافظة على ما تبقى من الموارد الطبيعية الموجودة، إذ لم يعد لدينا فصول معتدلة أو مياه كافية، وعلينا تغيير نمط معيشتنا، وترشيد استهلاك الطاقة على أنواعها، وغرس الاشجار والحفاظ على المتبقي منها، كما على المزارع تغيير طريقة الزراعة المتبعة حاليا ومواعيدها ونوعية المزروعات، والانتباه الى الاصناف الجديدة من الحشرات التي بدأت تظهر عندنا في غير مواعيدها، ويجب معالجتها بطريقة علمية مدروسة".

ويختم افرام: "إذا باشرت الحكومة بالتعاون مع المواطن هذه الخطوات، فسنتمكن بعد فترة من مواجهة الأخطار الكثيرة المحدقة بنا"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق